المقالات

الدكروري يكتب عن كريم قريش

الدكروري يكتب عن كريم قريش

بقلم / محمـــد الدكـــروري 

الدكروري يكتب عن كريم قريش

لقد ذكرت كتب السيرة النبوية عن الصحابي الجليل سعيد بن العاص أنه كانت الصفة التي غلبت عليه هي الجود والكرم حتى أن معاوية بن أبي سفيان لقبه بكريم قريش فقد أغدق الله عليه بمال بغير حساب فجاد به سعيد على عباد الله بغير حساب وقد روي له في ذلك أخبار رائعة كثيرة وحكيت عنه قصص مثيرة ملئت صفحات التاريخ ضياء ومن ذلك أنه كان يسر سرر المال، في كل جمعة ورجل من القراء يجلس في مجلسه ويأخذ عنه كتاب الله تعالى فافتقر وأصابته فاقة شديدة فقالت له زوجته، إن أميرنا سعيد بن العاص يوصف بالجود فلو ذكرت له حالك فلعه يسمح لك بشيء فقال ويحك أتريدين أن تسلخي وجهي ولله لا أفعل فمازالت تشتد عليه الحاجة وتلح عليه زوجته في الطلب حتى أتى مجلس سعيد بن العاص. 

 

كما كان يأتيه كل مرة، فلما انصرف الناس ظل الرجل جالسا في مكانه فأقبل عليه سعيد وقال أظن جلوسك لحاجة فسكت الرجل فقال سعيد لغلمانه انصرفوا فلما خرجوا قال له لم يبقى غيري وغيرك فاذكر حاجتك فسكت الرجل فأطفأ المصباح وقال له رحمك الله لست ترى وجهي فذكر حاجتك فقال الله أصلح الله الأمير أصابتنا فاقة فأحببت أن أذكرها لك واستحييت فقال له سعيد هون عليك وإن أصبحت فألقى وكيلي فلانا فلما جاء الصباح لقى الرجل، وكيل سعيد بن العاص فقال له إن الأمير قد أمر لك بشيء، فأتي بمن يحمله معك فقال له ما عندي من يحمله ثم ذهب إلى زوجته وقال حملتيني على بذل ماء وجهي لسعيد بن العاص، فأمر لي بشيء يحتاج إلى من يحمله وما أراه أمرني إلا بدقيق أو طعام.

 

لو كان مالا ما احتاج إلى من يحمله وأعطنيه بيديه فقال المرأة مهما أعطاه فإننا بحاجة إليه فخذه فرجع الرجل إلى الوكيل فقال إني أخبرت الأمير أنه ليس لديك أحدُ يحمل عطيته لك فأرسل إليك بهؤلاء الغلمان الثلاث ليحملوها معك فمضى الرجل أمامهم فلما بلغوا البيت وعلى رأس كل واحد منهم عشرة آلاف درهم فقال لهم ضعوا ما معكم وانصرفوا فقالوا له إن الأمير قد وهبنا لك وإنه ما بعث بغلام لأحد إلا وكان الغلام في جملة الهدية، وقيل أنه سأل أعرابي سعيد بن العاص رضى الله عنه، فأمر له بخمسمائة فقال لوكيله خمسمائة درهم أم دينار فقال إنما أمرت بخمسمائة درهم فأما أنه جاء بخاطرك أنه دنانير فدفع إليه خمسمائة دينار، فجلس الأعرابي يبكي فقال له سعيد ما بك أم تقبض عطاءك. 

 

فقال بلى ولله ولكن أبكي على الأرض كيف تواري مثلك، وكان من نصائح سعيد بن العاص لابنه، عم يا بني ابذل المعروف ابتداء من غير مسألة أما إذا أتاك الرجل تكاد ترى دمه في وجهه من الحياء أو جاءك مخاطر لا يدري أتعطيه أم تمسك عنه فولله لو خرجت له جميع مالك ما كافأته، ولما حضرت الوفاة سعيد بن العاص جمع بنيه وقال لهم “يا بني لا يفقدن أصحابي بموتي غير وجهي فصلوهم بما كنت أصلهم به وأجروا عليهم ما كنت أجريه عليهم واكفوهم مؤنة الطلب فإن الرجل إذا طلب الحاجة اضطربت أركانه مخافة أن يرد فولله رجل يتملل على فراشه وهو يراكم أهلا لقضاء حاجته أعظم منه عليكم ممن تعطونه” 

 

فلما مات، قدم ابنه عمرو بن سعيد على معاوية بن أبي سفيان في دمشق يخبره بوفاته أبيه فبكى معاوية وقال إن لله وإنا إليه راجعون، وقال هل ترك أبوك من دين، فقال له نعم قال وكم هو قال ثلاثة مائة ألف درهم فقال معاوية فهي عليه فقال ابنه أنه أوصاني أن أقضي دينه من ثمن أراضيه فاشترى منه أرضا بمبلغ الدين. 

الدكروري يكتب عن كريم قريش

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار