المقالات

الدكروري يكتب عن من كان في حاجة أخيه

الدكروري يكتب عن من كان في حاجة أخيه

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد حثنا النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف على الصدقة والجود والمواساة والإحسان إلى الرفقة والأصحاب، والاعتناء بمصالح الأصحاب، ويقول صلى الله عليه وسلم “المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يُسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة” رواه البخاري، فهذا حث على أن يقف المسلم بجانب أخيه إذا احتاج إليه، وله في ذلك الجزاء الحسن من رب العالمين، ولا يكتفي بهذا، بل يصور لنا المجتمع الإسلامي الحقيقي المتكافل المتكاتف تصويرا جميلا غاية في التماسك، فيشبهه بالجسد الواحد الذي يربط أعضاءه نسيج واحد، فلا يصاب فيه عضو إلا أحست به سائر الأعضاء وتأثرت بسبب النسيج الذي يربط بينهم.

فيقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم عن النعمان بن بشير “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” فالمسلمون أيضا لهم نسيج يربط بينهم ويجعلهم يحسون بمعاناة بعضهم، وهذا النسيج هو وحدة العقيدة وآصرة الأخوة في الله سبحانه وتعالى، فلا يمكن بحال من الأحوال أن يجمع بيننا هذا النسيج ثم لا يحس بعضنا بمعاناة بعض، ولا يسعى بعضنا إلى مساعدة بعض، ولا يمكن أن يكون هذا إلا إذا كان في أنفسنا خلل والعياذ بالله، ولقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على من يتصفون بخلق التكافل ويحققون مبدأه ويحرصون عليه، فأثنى عليهم واعتبر نفسه صلى الله عليه وسلم منهم وهم منه، وهؤلاء هم الأشعريون قوم أبي موسى الأشعري الصحابي الجليل رضي الله عنه.

فيقول فيما رواه الشيخان عن أبي موسى “إن الأشعريين إذا أرملوا” أي إذا قارب زادهم على النفاد في الغزو أو قلّ طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم” فانظروا إلى هذا التوحد في إحساس هؤلاء القوم ببعضهم، من الأنصار والمهاجرين حتى صار من يملك شيئا يقتسمه مع من لا يملك بكامل الرضا والسماحة، وانظروا إلى الشرف العظيم الذي نالوه بهذا الصنيع، وأي شرف أكبر من أن يقول عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ” فهم مني وأنا منهم” وأما عن ثواب هذا التكافل فإنه ثواب عظيم في الدنيا والآخرة، فلقد عدّه رسول الله صلى الله عليه وسلم كالجهاد في سبيل الله الذي هو ذروة سنام الإسلام، فيقول في الحديث الذي رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضى الله عنه.

“الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله” فهل نعجز عن تحصيل ثواب هذا الجهاد؟ بمثل هذا العمل الذي قد يكون أيسر على كثير منا من الجهاد بالنفس؟ بل ويرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المبدأ ويشجع عليه حتى يجعل من يقوم بهذا الواجب الإسلامي العظيم رفيقا له في الجنة، فيقول فيما رواه البخاري من حديث سهل بن سعد رضى الله عنه ” أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا” وأشار بالسبابة والوسطى وفرّج بينهما، فمن ذا الذي يرغب عن مصاحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة؟ ومن ذا الذي يزهد في هذا الفضل العظيم؟ فهذا هو التكافل الاجتماعي الذي نادى به الإسلام قبل أن تنادي به النظريات الاجتماعية الوضعية، وحث أتباعه عليه.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار