المقالات

الدكروري يكتب عن هارون وموسي عليهما السلام

الدكروري يكتب عن هارون وموسي عليهما السلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن من خلال موقف نبى الله هارون ما يجب أن يتحلى به الداعى إلى الله عز وجل، من طول الصبر على من يدعوهم، والحكمة العالية فى حوارهم، ومعاملتهم على أنهم مرضى، مفتونون ومغرورون بحالهم، لا يكادون يبصرون الهدى والنور إلا لماما، وأن الداعى إلى الله يجب أن يكون رحيما بهم وشفوقا عليهم، كل همه أن يأخذ بأيديهم مما هم فيه، ونجاتهم من الإثم والمعصية التى توبقهم فى عذاب الله الأليم، ولو أن الذين يكفرون المسلم بسبب معصية ارتكبها، أو واجب تركه، رأوا حكمة نبى الله هارون عليه السلام فى معاملته لمن كفر بالله وتعالى وعبد العجل من بنى إسرائيل، لغير أسلوبه تماما، ولام نفسه على قسوته وشدته فى هذا الحكم الذى حكم به على هذا المسلم، وإنما عليه أن يبين له، بالرحمة واللين والحكمة، ما يحبه الله ويرضاه، ويشوق قلبه إليه.

ويعطف نفسه نحوه، ويثلج صدر أخيه المسلم بالرقة واللطف والحب والمودة، لأنه يرجو نجاة أخيه المسلم المخالف لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ويعمل على خلاصه من ذنبه ومعصيته، وإن لنا فى رسل الله الكرام عليهم السلام جميل الأسوة وكريم القدوة، ونحن نعتقد أيضا أن اليهود آذوا نبى الله موسى عليه السلام إيذاء نفسيا، وآذوه بعدم طاعته وتنفيذ أمره، ولعل أعظم إيذاء لنبى الله موسى، كان رفض بني إسرائيل القتال من أجل نشر عقيدة التوحيد في الأرض، أو على أقل تقدير، السماح لهذه العقيدة أن تستقر على الأرض في مكان، وتأمن على نفسها، وتمارس تعبدها في هدوء، ولقد رفض بنو إسرائيل القتال، وقالوا لموسى كلمتهم الشهيرة ” اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون”

وبهذه النفسية حكم الله تعالى عليهم بالتيه وكان الحكم يحدد أربعين عاما كاملة، وقد مكث بنو إسرائيل في التيه أربعين سنة، حتى فني جيل بأكمله، فنى الجيل الخائر المهزوم من الداخل، وولد في ضياع الشتات وقسوة التيه جيل جديد، جيل لم يتربى وسط مناخ وثني، ولم يشل روحه انعدام الحرية، جيل لم ينهزم من الداخل، جيل لم يعد يستطيع الأبناء فيه أن يفهموا لماذا يطوف الآباء هكذا بغير هدف في تيه لا يبدو له أول ولا تستبين له نهاية، إلا خشية من لقاء العدو، جيل صار مستعدا لدفع ثمن آدميته وكرامته من دمائه، جيل آخر يتبنى قيم الشجاعة العسكرية، كجزء مهم من نسيج أي ديانة من ديانات التوحيد، وأخيرا ولد هذا الجيل وسط تيه الأربعين عاما، ولقد قدر لنبى الله موسى عليه السلام زيادة في معاناته ورفعا لدرجته عند الله تعالى.

وقدر له ألا تكتحل عيناه بمرأى هذا الجيل، فقد مات نبى الله موسى عليه السلام قبل أن يدخل بنو إسرائيل الأرض التي كتب الله عليهم دخولها، ولقد ورد أن كليم الله موسى عليه السلام، قال ربي هل أكرمت أحد مثلما اكرمتني به لقد أسمعتني كلامك، فقال تعالى “وكلم الله موسى تكليما” يا موسى إني أصطفيتك على الناس برسالاتي و كلامي، فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين، فقال ياربي هل أكرمت أحد بمثل ما أكرمتني به أسمعتني كلامك، فقال الله عز وجل إن لي عبادا يا موسى إن لي عبادا اخرجهم في آخر الزمان، أكرمهم بشهر رمضان وأنا أقرب إليهم منك، فإني كلمتك وبيني و بينك سبعون ألف حجابا فإذا صامت أمة محمد شهر رمضان، وابيضت شفاههم وأصفرت ألوانهم أرفع تلك الحجب وقت إفطارهم، يا موسى طوبى لمن عطش كبده وجاع بطنه في رمضان.

فإني لا أجازيه من دون لقائي، وخلوف أفواههم عندي اطيب من ريح المسك، ومن صام يوما من رمضان أستوجب عندي مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فقال موسى ياربي اكرمني بشهر رمضان، مثلما ما اكرمت أمة محمد صلوات الله و سلامه عليه، قال الله تعالى هو لأمة محمد خاصة” ولكن قيل هذا الحديث في الآثار الموقوفة والمقطوعة، ولم يوجد له أثرا عن الصحابة والتابعين، فهذا الخبر لا أصل له وهو خبر مكذوب، فلا يجوز نشره وهذا للعلم.

الدكروري يكتب عن هارون وموسي عليهما السلام

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار