الدكروري يكتب عن ولاة الإمام علي في الامصار
الدكروري يكتب عن ولاة الإمام علي في الامصار
بقلم محمد الدكـــروري
لقد قام الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بعد مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان، بتولية بعض الأفراد ولاة علي الأمصار والمدن ومن هؤلاء هو الأشتر النخعي مالك بن الحارث، ومحمد بن أبي بكر الصديق، ولا شك أن الإمام علي رضي الله عنه في توليته مالكا الأشتر قد لاحظ فيه سياسة ومصلحة فقد كان قائدا خبيرا، له قدرة على مواجهة أي هجوم على مصر، وكانت محل أنظار أهل الشام، ومرتعا لأهل الفتن فكانت في حاجة إلى قائد حازم كالأشتر، ثم كان من مصلحة توليته على مصر أيضا إبعاده عن قومه، وأهل شوكته في الكوفة، فيتقي بذلك بعض ما كان يخشاه من فتنته لو بقي بين قومه، فلذا لم يوله قبل ذلك على البصرة القريبة من قومه، وأبعده إلى الموصل، وأما توليته لمحمد بن أبي بكر الصديق على مصر.
فلثقته في محمد لأنه ربيبه، فقد تربّى في حجره، فلا يخشى من قبله فتنة، وقال ابن حجر رحمه الله، محمد بن أبي بكر الصديق، وأمه أسماء بنت عميس الخثعمية، وقد ولدته في طريق المدينة إلى مكة، في حجة الوداع، وقد نشأ محمد في حجر الإمام علي رضى الله عنه، لأنه كان تزوج أمه السيدة أسماء بنت عميس، وربما لاحظ الإمام علي رضي الله عنه أن تولية محمد بن أبي بكر سيكون فيه تسكين لنفوس أهل الفتن من أهل مصر،لأن من الشروط التي تروى أنه تراضى عليها عثمان رضي الله عنه مع أهل مصر قبل مقتله، هو أن يولي عليهم محمد بن أبي بكر، وقال ابن كثير رحمه الله، وقد ذكر ابن جرير أن المصريين لما وجدوا ذلك الكتاب مع البريد إلى أمير مصر، فيه الأمر بقتل بعضهم.
وصلب بعضهم، وبقطع أيدي بعضهم وأرجلهم، وكان قد كتبه مروان بن الحكم ، على لسان عثمان بن عفان متأولا قوله تعالى فى سورة المائدة ” إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم ” وكان عنده أن هؤلاء الذين خرجوا على أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضى الله عنه، من جملة المفسدين في الأرض، ولا شك أنهم كذلك، لكن لم يكن له أن يفتات على عثمان، ويكتب على لسانه بغير علمه، ويزور على خطه وخاتمه، ويبعث غلامه على بعيره بعد ما وقع الصلح بين عثمان وبين المصريين، وهو على تأمير محمد بن أبي بكر على مصر.
فالحاصل أن الإمام علي رضي الله عنه من أكابر الصحابة رضي الله عنهم وأفضلهم، فلا يشك فيه بمثل هذه الأحداث المحتملة، التي لها أوجه من الحق، والسياسة، والمصلحة الشرعية، وفي ولاية الأشتر النخعى هذا على مصر قبل محمد بن أبي بكر الصديق اختلاف كثير، فقد حكى جماعة كثيرة من المؤرخين وذكروا ما يدل على أن ولاية محمد ابن أبي بكر كانت هي السابقة بعد عزل قيس بن سعد بن عبادة وجماعة قدموا ولاية الأشتر هذا ولكل منهما استدلال قوي والذين قدموا الأشتر هم الأكثر، والأشتر اسمه مالك بن الحارث.
الدكروري يكتب عن ولاة الإمام علي في الامصار