المقالات

الدكروري يكتب عن العلم والأخلاق

  1. الدكروري يكتب عن العلم والأخلاق

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد أنعم الله علي الإنسان بكثير من النعم

التي لا تحصي ولا تعد، فاتقوا الله تعالى واشكروه على ما هداكم للإسلام، وجعلكم من أمة خير الأنام، عليه الصلاة والسلام، فقد دلكم على الأخلاق الفاضلة والسجايا الحميدة والصفات النبيلة جاءت تعاليمه وقيمه بالأمر في المحافظة على الأخلاق الحسنة في كل أحوال المسلمين صغيرها وكبيرها دقيقها وجليلها أفرادا ومجتمعات وأسرا وجماعات ويكفي للحث على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ” إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ” رواه البخاري، ولقد قال العلم ذات يوم مباهيا بنفسه أنا الأول في العالم، لا شيء قبلي ولا شيء بعدي، كل الصراعات وكل الخلافات وكل الاتفاقيات وكل المصالحات لا يمكن أن تكون إلا من أجلى، وفي سبيلي وبسببي، ولا يمكن أن تقوم دولة دون علم، ولا مجتمع دون طلاب علم.

يا لسعادتي وهنائي فأنا كالهواء لا يمكن العيش بدوني، ولا وجود لي إلا في العقول المستنيرة، فأجابته الأخلاق بهدوء واتزان قائلة له على رشدك أيها العلم، إننا لا ننكر فضلك ولا نجحد مكانتك العليا التي تتمتع بها، إلا أن العلم وحده لا يمكن أن يعمر المجتمعات، فالعلم بلا أخلاق كالشجرة بلا أوراق، فأنا الأخلاق التي ينبغي أن تسكن قلب كل إنسان وعقله وتفكيره، وأن تكون معه في كل خطوة من خطوات تعلمه، كي يكون علمه نافعا، فأجابها العلم مستغربا وهل يحتاج من يتعلم علوما واسعة ومتطورة إلى الأخلاق، ألا تعلمين أنّني أعالج كل الأمور في عقول الناس بالحكمة والمنطق ووفق قوانين مدروسة ومنظمة، فهذا يكفي حتى يبني الإنسان المتعلم مجتمعه، ويرقى به بعلمه الواسع، وكلما ازداد المتعلم علما كلما ارتقت مكانته وصار قدوة لمن حوله.
فتبسمت الأخلاق وقالت للعلم ما رأيك بعالم وصل إلى ذروة العلوم، وأخذ من كل علم بطرف، لكنه يرفض نشر العلم ولا يريد تعليم الآخرين، هل سيرقى بمجتمعه وحده، وما رأيك بمتعلم ذي معرفة موسوعية شاملة في المواد الكيميائية وتصنيع المتفجرات، ويوظف علمه لصنع مواد تبيد البشرية وتقضي على أعداد هائلة من البشر بضغطة زر، هل علمه مفيد؟ فرد العلم بحياء وخجل لقد أقنعتني بكلامك أيتها الأخلاق الفاضلة، وكما أن العين لا تعلو على الحاجب، فلا يمكن للعلم أن يعلو على الأخلاق أو أن يتجاوزها، فكلانا مهم لحياة البشر، وكلانا له دور في الحفاظ على الإنسانية، لكننا نكمل بعضنا بعضا، وبتكافلنا في كل نفس بشرية سترقى الأمم وترتقي الشعوب، ويعم الأمن والسلام في كل العالم، فقالت الأخلاق بالعلم والأخلاق يبني الناس ملكهم.
وبذلك يمكن القول إن الاتحاد فيه قوة، والتفرق فيه ضعف، فكلما اتحدنا كان الإنسان بنا أقوى وعقله بنا أغنى، وبتكاملنا تتحقق الحرية لكل الشعوب، ويتخلص البشر من التبعية للآخر، وتلغى فكرة الاستعباد من القوي للضعيف والتسلط من الغني على الفقير ومن المتعلم على الجاهل، فأجاب العلم صحيح، وبالعلم ستكون الأخلاق أبهى وتصدح بصوتها بقوة وجرأة، وتزداد قوة في إقناع الآخرين، ولا سيما في عصر السرعة الذي يحتاج فيه كل شيء إلى البرهان والدليل والمنطق، وإذا ما التحمت الأخلاق بالعلم ستكون أكثر إقناعا وتأثيرا.
اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار