شريط الاخبار
الدكروري يكتب عن ذكريات في مكة
الدكروري يكتب عن ذكريات في مكة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد كانت دار الإجتماعات التي اجتمع فيها الكفار للشوري في قتل النبي صلي الله عليه وسلم، هي دار الندوة، والتي استمرت هذه الدار بعد موت الخليفة معاوية بن أبي سفيان مقرا لخلفاء بني أمية، ينزلونها إذا ما قدموا مكة المكرمة، وأما عبدالله بن الزبير فجعلها مسكنه الدائم خلال فترة خلافته التي اتخذ فيها مكة المكرمة عاصمة لدولته، وفى النهايه انتهى بدار الندوة لتتحول إلى موضع يتوضأ فيه الحجاج، ومرمى للقمائم والقاذورات، بل ترتب على هذا الاهمال أن امتد الخراب إلى معظمها وانهدمت أجزاء منها، وقد طال ضررها المسجد الحرام، فإذا جاء المطر سال الماء منها حتى يدخل من بابها المطل على المسجد الحرام، محملا بما فيها من الأوساخ والقمائم، فيتأذى منها المسجد وجيرانه ومرتادوه من العمّار والحجاج.
إلى أن انتهى بها المطاف وقاموا بإزالتها وتنظيف مكانها وضمها بالمسجد الحرام وانتهت دار الندوه وأختفى مكانها ولكن ما يبقى هو توقعات وآراء مختلفه فى موقع وجودها بالمسجد الحرام، وإن ﻣَﻦ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮﺓ ﺃﻳﻘﻦ ﺃﻥ ﻧﻌﻴﻤﻬﺎ ﺍﺑﺘﻼﺀ، ﻭﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻋﻨﺎﺀ، ﻭﻋﻴﺸﻬﺎ ﻧﻜﺪ، ﻭﺻﻔﻮﻫﺎ ﻛﺪﺭ، ﻭﺃﻫﻠﻬﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻞ، ﺇﻣﺎ ﺑﻨﻌﻤﺔ ﺯﺍﺋﻠﺔ، ﺃﻭ ﺑﻠﻴﺔ ﻧﺎﺯﻟﺔ، ﺃﻭ ﻣﻨﻴﺔ ﻣﺎﺿﻴﺔ، ﻣﺴﻜﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻃﻤﺌﻦ ﻭﺭﺿﻲ ﺑﺪار ﺣﻼﻟﻬﺎ ﺣﺴﺎﺏ، ﻭﺣﺮﺍﻣﻬﺎ ﻋﻘﺎﺏ، ﺇﻥ ﺃﺧﺬﻩ ﻣﻦ ﺣﻼل ﺣُﺴب ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺇﻥ ﺃﺧﺬﻩ ﻣﻦ ﺣﺮﺍﻡ ﻋُﺬب ﺑﻪ، ﻣَﻦ ﺍﺳﺘﻐﻨﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓتن، ﻭﻣَﻦ ﺍﻓﺘﻘﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺣﺰن، ﻣَﻦ ﺃﺣﺒﻬﺎ ﺃﺫﻟﺘﻪ، ﻭﻣَﻦ ﺍﻟﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﻧﻈﺮﻫﺎ ﺃﻋﻤﺘﻪ، وإن حب الدنيا وتقديمها على الآخرة من أعظم البلايا التي تصيب الأمة في دينها ودنياها.
ولذا جاء عند أبي داود عن ثوبان رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها” فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ؟ قال “بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن” فقال قائل يارسول الله وما الوهن؟ قال “حب الدنيا وكراهية الموت” والناظر إلى تاريخ الأمة يجد أنه لا يمكن أن تستباح أراضيها وأعراضها وحرماتها إلا عندما تتخلى عن دينها ولا تتخلى عن دينها إلا إذا رغبت في دنياها، فإن البهيمة تدافع عن نفسها وعن بيتها وعن عرضها وهي حيوان لا يعقل لكن فطرتها جعلتها تدافع عن نفسها، وتصد عنها ما يؤذيها، بينما المسلمون الذين كرمهم الله بالإسلام.
لم يقدروا أن يدفعوا عن أنفسهم ومبادئهم وقيمهم الإسلامية كثيرا من الشرور، لا لشيء إلا لأنهم لأنهم تخلوا عن دينهم، ووضعو قيم ومبادئ الأمم الغربية والشرقية المنافية لما عليه ديننا الحنيف موضع تقدير واحترام، ومن هنا يقول تعالى “ومن يهن الله ما له من مكرم” فقد استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، استبدلوا بالآخرة حب الدنيا وكراهية الموت، فمن العقوبات التي حلت بالأمة بسبب هذا الوهن والخوف والضعف والركون إلى الدنيا أن سلط على المسلمين عدوهم ينهب خيراتهم، ويعبث بأعراضهم، ويستحل محارمهم، بكل جرأة وقوة وإجرام، وأما المسلمون فقد أصيبوا بذل، وهوان، وخور في قلوبهم جزاء حبهم للدنيا، وتخليهم عن ما خلقوا من أجله، والله عز وجل يقول ” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون”
الدكروري يكتب عن ذكريات في مكة