الدكروري يكتب عن الرسول والإبتلاء
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الله عز وجل اصطفى رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على الناس برسالته، وجعله خاتم النبيين، وأفضل الخلق أجمعين وحبيب رب العالمين، فرسول الله صلى الله عليه وسلم أهل لأن يحب، لحب الله تعالى له واختياره لهذا الخير العميم، فقد دل أمته على كل خير يقربها إلى رابها وحذرها من كل شر يجلب لها الذل والخزي في الدنيا والعذاب والنكال في الآخرة، ويقول الله تعالى في سورة آل عمران ” لقد من الله علي المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ” ولأجل هذا كانت المنة ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم عظيمة، والنعمة بذلك جسيمة، ولا يعرف قدر هذه النعمة إلا من أدرك الفرق بين الهدى والضلال.
فقيل أنه من عرف هذا الفرق وأدركه إدراكا يقينا،علم عظم هذه النعمة التي لا تعادلها نعمة على ظهر الأرض، وأحب الرسول صلى الله عليه وسلم بكل قلبه وآثر حب الله ورسوله على ما سواهما، وعليه فإن حُب المسلم للرسول صلى الله عليه وسلم يحركه في قلبه أمور كثيرة منها تذكر الرسول صلى الله عليه وسلم وأحواله، والوقوف على هديه صلى الله عليه وسلم والاشتغال بالسنة قولا وعملا، ومعرفة نعمة الله على عباده بهذا النبي صلى الله عليه وسلم، وكثرة الصلاة والسلام عليه، وإن من رحمة الله تعالي أن جعل طعم البلاء يخف على الإنسان كلما امتد زمن البلاء، فأنت ترى المريض المزمن في مرضه، اللحظات التي يعيشها الآن أهون عليه من اللحظات التي كانت عندما بدأ المرض لأنه قد تعود.
مع أن المرض لم يخف، بل إنه ربما يشتد، ولكن الله يصبره، وعلى قدر البلاء تنزل المعونة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ بنفسه قبل الناس ليقتدي الناس به، وكذلك موقفه في بناء المسجد، حيث كان يشارك الصحابة في الحفر ونقل التراب، ورفع البناء، وشاركهم صلى الله عليه وسلم في حفر الخندق حول المدينة، فعندما سمع بقدوم الأحزاب لاستئصال شأفة المسلمين في المدينة، وكان له قسم مثلهم يباشر الحفر معهم بيده، ويحمل التراب على كتفه، فكان هذا كله دافعا للصحابة على العمل حيث يرون قائدهم ورسولهم صلى الله عليه وسلم معهم في خندق واحد، يعمل كما يعملون، ويأكل مما يأكلون، وينام على مثل ما ينامون، وما زادهم ذلك إلا إيمانا وتسليما، وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم صحابته.
إلى أن يقتدوا به في أقواله وأفعاله، وخصوصا في العبادات، فلم يُعد مجلسا لشرح أركان الصلاة وسننها ومبطلاتها وإنما قال صلى الله عليه وسلم ” صلوا كما رأيتموني أصلي” رواه البخاري، وفي الحج قال صلى الله عليه وسلم “خذوا عنى مناسككم” رواه مسلم والنسائي، ولما علم الرسول شدة اقتداء الصحابة به وخاصة في مناسك الحج خشي عليهم الازدحام والتقاتل في أداء المناسك فرفع عنهم الحرج، فعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم” قد نحرت هاهنا، ومنى كلها منحر، ووقف بعرفة، فقال قد وقفت هاهنا، وعرفة كلها موقف، ووقف بالمزدلفة، فقال قد وقفت هاهنا، والمزدلفة كلها موقف” رواه أبوداود.
وفي الصيام اتبعوه في الوصال فنهاهم رحمة ورأفة بهم وشفقة عليهم، ويقول النبى صلى الله عليه وسلم”من استعمل رجلا من عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين” رواه الحاكم، ويقول صلى الله عليه وسلم” إن الله سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيع ؟” رواه النسائي.