الرفاعي يتفقد الجزيرة الخضراء
الحلقة 20 من كتاب ملحمة الجزيرة الخضراء للمؤرخ العسكري د. أحمد علي عطية الله
إنتهى القتال فى تمام الساعة الخامسة والنصف صباح يوم 20 يوليو 1969.. وبالرغم من ان معظم أسلحة الموقع قد تدمرت فى قصفة المدفعية المصرية وكذلك معظم منشآت الموقع بما فيها خزان المياه ، وكذلك وسائل الاتصال الاسلكية إلا أن معنويات الرجال كانت مرتفعة صباح هذا اليوم لنجاحهم فى الأحتفاظ بالجزيرة وعدم التفريط فى أراضى مصرية جديدة بعد فقد سيناء عام 1967.. ولكن العدو كان قد أذاع كذبا فى وسائل إعلامه نبأ سقوط الجزيرة الخضراء والقضاء على جميع من بها . وخلال هذا اليوم ومنذ الصباح الباكر شهدت الجزيرة ثلاثة أحداث هامة:
= فى الساعة السادسة وعشرة دقائق صباحاً شاهد أبطال الجزيرة الخضراء على بعد 200 متراً فقط من موقع الجزيرة جهة الشمال الشرقى 3 طائرة هليوكوبتر أسرائيلية معلقة فى الجو فوق مياه الخليج تقوم بأعمال بحث وإنقاذ للغرقى والقتلى والمصابين بالزوارق المعطوبة وفى حالة ثبات .. وجدها النقيب مجدى بشارة صيداً ثمينا لايجب أن يفلت من يديه فأعطى أوامره للمدفعان الثقيلان بالجزيرة وحكمداريهما العريف محمد عبد الهادى ، والعريف أبو حسيبة أن يطلق كل منهما دانة واحدة مباشرةتجاه إحدى الطائرات وبالفعل أنطلقت دانتان فى توقيت واحد نحو إحدى الطائرات الثلاثة فأنفجرت فى الجو وسقطت أشلائها مشتعلة فى مياه الخليج شاهدتها جميع المواقع المصرية حول الخليج فى حين فزعت الطائرتان الهليوكوبتر الأخرتان وفرتا هاربتان جهة الشرق .. وجن جنون الاسرائيليون .. فكيف لهذا الموقع الذى يقصفونه طوال الليل أن يتمكن من إسقاط طائرة فى الصباح؟!!!
فى الساعة السابعة صباحاً فوجئ النقيب مجدى وكل من معه بالجزيرة بوصول زورق مطاطى زودياك به القائد الأسطورة إبراهيم الرفاعى قائد المجموعة 39 قتال مخترقا ومتحديا الحصار البحرى المضروب حول الجزيرة ليتفقد بتكليف من القيادة المصرية وضع الجزيرة وكان يحمل معه آلة تصوير .. فقام بتفقد أرجاء الجزيرة مع النقيب مجدى ..
وأثناء ذلك شاهد الجندى المصاب الذى سقطت فوق ذراعه كتلة خرسانية تزن حوالى 20 طناً تمنعه من الحركة وببطنه جرح قطعى ناتج عن إصابته بدفعة طلقات رشاش للعدو وتظهر أحشاؤه ولايستطيع التحرك أو التحدث ولا يستطيع شيئا سوى التنفس والنظر نظرات إستعطاف لقائده أن يخلصه مما هو فيه .. ولكن قائده لايملك له شيئاً فسأل النقيب مجدى المقدم الرفاعى :
*ماذا نفعل بهذا الجندى يافندم ؟ أنا موش قادر أعمل له حاجة ..
فقرر الرفاعى أن يأخذه معه بزورقه إلى السويس لعلاجه فطلب من النقيب مجدى أن يأتيه ببلطة أو ساطور .. فأحضروا سكين مطبخ كبير فطلب الرفاعى من النقيب مجدى أن يضع قطعة قماش على عينى الجندى المصاب محمد زكى عبده، وقاما بفصل ذراعه عن جسده من منطقة الكتف وأخذ الرفاعى الجندى المصاب معه فى الزورق بعد لفه فى بطانية ووضع أفرول مبلول بماء البحر على موضع الجرح كما أخذ معه أيضا بعض ماتركه العدو على الجزيرة من أسلحة شملت 19 بندقية ألى و17مدفع رشاش عوزى ،وقنابل يدوية لم تنفجر ، ومعدات الضفادع البشرية وادوات الغطس وغيرها .. فقد كان العدو أثناء سحب قتلاه ولسهولة حمل أجسادهم كانوا يقومون بفتح سوستة الأفرول بما يتصل به من معدات وأسلحة ويسحبون منها الجسد، وقد جمع الرفاعى صباح هذا اليوم :
=عدد 21 أفرول وبدلة غطس بمشتملاتها .
=عدد 19 بندقية آلى إسرائيلى.
=عدد 17 رشاش إسرائيلى عوزى.
=عدد من أجهزة الغطس ، والبوصلات ، والمعدات ، وقنابل لم تنفجر.
وهو ما ظهرت صورته فى الصفحة الأخيرة بجريدة الأهرام الصادرة يوم 21 يوليو . كما أن هذه العملية التى قام بها الرفاعى مسجلة ضمن سجلات عمليات المجموعة 39 قتال برقم 38 بتاريخ 20 يوليو 1969 كما أنه قام بتسليم الجندى المصاب المدعو عبده محمد زكى من منية سمالوط للجهات الصحية التى قامت بإنقاذ حياته ، وهو لازال حى يرزق حتى الآن وكان دائم الزيارة لقائده مجدى بشارة بمنزله وهو يداعبه قائلاً:
*أنا يافندم الجندى اللى قطعت له ذراعه.
الناشر دارالمؤرخ 2015
الرفاعي يتفقد الجزيرة الخضراء


