الزاد
بقلم: أمجد مصطفى
متابعة عادل شلبى
السهل الممتنع فى فكر د. سمير فرج
يتمتع الدكتور سمير فرج بحس صحفى فريد، جعله من أبرز المفكرين الاستراتيجيين والمحللين، لكونه يقدم فكره وتحليله فى سياق بسيط يستوعبه المواطن العادى، بعيداً عن الجمل والمفردات التى تبدو فيها نبرة استعلاء على القارئ.
وعندما قرر الدكتور سمير فرج الانتقال إلى وسيلة أخرى من وسائل النشر وهى الكتب، فقد استخدم أيضاً اللغة البسيطة نفسها، ولذلك أصبح المهتمون بشأن دوائر الأمن القومى المصرى والعربى والعالمى والاستراتيجيات، ينتظرون من وقت لآخر أن يطل عليهم بعمل إبداعى جديد؛ لذا فمؤخراً أصدر كتابه الجديد: “الاستراتيجية والأمن القومى وجهان لعملة واحدة”.
حيث يتناول الفصل الأول من الكتاب المفاهيم الخاصة بالاستراتيجية بشكل عام والاستراتيجية والتخطيط العسكرى والسياسى بشكل خاص والوسائل التى تسعى من خلالها الدول لتحقيق استراتيجيتها، أما الفصل الثانى فيتناول القضايا المتعلقة بالأمن القومى والمفاهيم الخاصة به والمجالات الخاصة بالأمن القومى لأى دولة، كما يتناول الأدوات والوسائل المختلفة التى تلجأ إليها الدول من أجل تحقيق أمنها القومى ونطاقات الأمن القومى للدولة، وعناصر تهديد الأمن القومى التى تواجهها الدول، سواء على المستوى الداخلى أو المستوى الخارجى من تهديدات سياسية واقتصادية وعسكرية وإجتماعية وكذلك تهديدات التطرف الدينى.
أما الفصل الثالث فيتناول بشكل موسع دوائر الأمن القومى المصرى والتهديدات التى تواجهها على المستويين الخارجى والداخلى، وكذلك شرح متكامل لدوائر الأمن القومى المصرى المختلفة، بداية من الدوائر البعيدة التى تضم العديد من الدول الهامة، على رأسها الولايات المتحدة، ودول أوروبا وروسيا والدوائر القريبة، مثل دائرة البحر المتوسط والدائرة العربية والدائرة الأفريقية التى تحمل أهمية خاصة لمصر ليتناول التفاصيل الخاصة بقضايا تلك الدائرة بما تمثله من أهمية خاصة لمصر وما مرت به تلك العلاقة من مسارات مختلفة على مدار ستين عاماً، بداية من تاريخ الدعم الذى قدمته مصر لحركات التحرر فى أفريقيا فى الستينات، ثم ما تلا ذلك من تباعد على مدار سنوات مختلفة، وصولاً إلى الجهود التى قام بها الرئيس عبدالفتاح السيس منذ بداية توليه لإعادة مصر إلى أفريقيا وإعادة أفريقيا إلى مصر، لتتولى مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى بعد سنوات من تعليق عضويتها.
أما الفصل الرابع والذى جاء تحت عنوان: «قصة الإرهاب»، فجاء ليتناول واحداً من أهم مهددات الأمن القومى العالمى والمصرى، والتعرف على جذور الإرهاب فى العصر الحديث وكيف تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية من القضاء على واحد من أهم أعدائها، ومن الأسماء التى ساهمت بشكل كبير فى تغلغل الإرهاب فى منطقة الشرق الأوسط ألا وهو أسامة بن لادن الذى تمكن الكاتب من التعرف على قصة القضاء عليه من وزير الدفاع الأمريكى السابق «ليون بانتيا» فى لقاء جمعهما بالقاهرة.
كما تناول الفصل الحرب التى شنتها مصر على الإرهاب فى كافة أنحاء مصر وخاصة فى شمال سيناء، والجهود التى قامت بها الدولة المصرية من أجل إعادة إعمار وتنمية سيناء بعد معاناتها لسنوات من هجمات الإرهاب الغاشم.
أما الفصل الخامس والأخير والذى جاء بعنوان: «الحرب والتسليح فى ضوء مفاهيم الأمن القومى» فجاء من أجل أن يساهم فى معاونة القارئ على فهم الأبعاد المختلفة لقضايا الأمن القومى والتى يعد التسليح واحداً منها خاصة فى ظل تسارع الأحداث والصراعات على مختلف الأصعدة العالمية والإقليمية، ليقدم الكاتب شرحاً وافياً عن الحرب وأنواعها المختلفة وأساليب التسليح، بداية من الحروب التقليدية إلى حروب الجيل الرابع وحروب الفضاء والحروب الذكية، كما تناول الفصل قضايا سباق التسلح فى العالم، وأحدث الأسلحة التى بدأت فى الظهور، مثل الطائرات المسيرة، والقنابل العنقودية والقنابل القذرة، وشرح ما تمتلكها من قدرات تدميرية فتاكة.
مَن يعرف الدكتور سمير فرج لن يندهش أن يتم اختياره سنة 1975 من الجيش المصرى، وهو برتبة رائد ليمثله فى مناظرة تاريخية بين مصر وإسرائيل حول الحرب بينهما نظّمتها هيئة الإذاعة البريطانية «البى بى سى» وأذيعت على التلفزيون البريطانى. ولا شك أن ذلك الحدث كان إشارة لافتة لما يتمتع به الرجل من قدرة على النقاش، والإقناع، والحديث بمنطق، وعلم، ودراية، حيث انتهت المناظرة لصالح ممثل جيش مصر بثمانى نقاط مقابل أربع نقاط فقط للجنرال آرييل شارون، ممثل جيش إسرائيل.
هذا هو الدكتور سمير فرج.
الزاد