من قلب شرم الشيخ، حيث تتنفس الأرض أملًا بعد عامين من الخراب والدمار، تشرق لحظة تاريخية ينتظرها العالم بأسره. بينما تستعد “لؤلؤة البحر الأحمر” لاستقبال قادة العالم لتوقيع اتفاقية وقف إطلاق النار في غزة، يطلّ الباحث والمحلل البارز نبيل أبوالياسين، رئيس منظمة الحق الدولية لحقوق الإنسان، ببيان صحفي يلامس شغاف القلب، مؤيدًا بقوة وحكمة الرؤية الاستثنائية للرئيس عبدالفتاح السيسي. إنه لا يكتفي بدعم الدعوة الملحة لنشر قوات دولية رادعة في غزة فحسب، بل يرى في هذه الخطوة الضمانة الوحيدة لشرعية دولية تمنح السلام فرصة للبقاء، وتحول دون عودة أهوال الحرب. إنها قيادة مستنيرة تضع نهاية المعاناة نصب عينيها، وتقدم للعالم درسًا في كيف تُصنَع السلام من رحم المعاناة.
تضامن عربي ودولي مع رؤية السيسي
أشار نبيل أبوالياسين إلى أن المبادرة المصرية التاريخية، التي توجت باجتماع الرئيس السيسي هاتفياً مع نظيره القبرصي، لم تأت من فراغ، بل هي نتاج حكمة وقدرة دبلوماسية استثنائية. وأوضح أبوالياسين أن دعوة السيسي لنشر قوات دولية في قطاع غزة، وإكساب الاتفاق شرعية دولية عبر مجلس الأمن، ليست مجرد خطوة إجرائية، بل هي الضمانة الحقيقية لانتقال غزة من مرحلة الدمار إلى مرحلة البناء والإعمار. ولفت إلى أن التضامن العربي والدولي الواسع مع هذه الدعوة، كما ظهر في بيانات المملكة العربية السعودية والإمارات والأردن والجزائر، يؤكد صدقيتها وضرورتها، ويعكس الثقة الكبيرة في الدور المصري الريادي تحت قيادة السيسي.
قمة شرم الشيخ: انطلاق السلام من أرض السلام
ذكر أبوالياسين أن “قمة شرم الشيخ للسلام”، التي تترأسها مصر والولايات المتحدة بمشاركة أكثر من 20 دولة، ليست مجرد احتفالية توقيع، بل هي إعلان ميلاد لمرحلة جديدة. وأكد أن اختيار شرم الشيخ، المدينة التي ترمز للسلام والتعايش، لاستضافة هذا الحدث التاريخي، هو رسالة قوية من السيسي للعالم بأن مصر، بقلبها المفتوح وإرادتها الصلبة، ستظل حصناً منيعاً للأمن والاستقرار في المنطقة. ونوه إلى أن مشاركة قادة مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتلقي المستشار الألماني دعوة للحضور، يضفيان على القمة وزناً دولياً غير مسبوق، ويجسدان النجاح الدبلوماسي المصري.
الرفض الفلسطيني للوصاية والتحول في الخطاب الدولي
وضح أبوالياسين أن بيان الفصائل الفلسطينية “حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية” الذي يرفض أي وصاية أجنبية على غزة، هو موقف مشروع يؤكد على السيادة الفلسطينية. وشدد على أن الرؤية المصرية، التي يدعمها، لا تتعارض مع هذا المبدأ، بل تعمل على تمهيد الطريق للفلسطينيين ليحكموا أنفسهم بأنفسهم، حيث أن القوة الدولية المقترحة هي لمراقبة وقف إطلاق النار وضمان الالتزام به، وليس للإدارة أو الوصاية. كما أشار إلى التحول اللافت في الخطاب الدولي، مستدلاً بتصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي وصف فيه قادة حماس بأنهم “مفاوضون أذكياء وأقوياء”، وهو تحول يظهر أن لغة القوة والمنطق هي التي فرضت نفسها في النهاية، شكرًا لصلابة المقاومة.
غزة المدمرة: بين واجب الإعمار وجسامة التحدي
أكد أبوالياسين أن المشاهد المهيبة لعودة عشرات الآلاف من النازحين إلى ديارهم في غزة، هي ملحمة إنسانية ستبقى محفورة في الذاكرة العالمية. ولكنه حذر في نفس الوقت من الصدمة التي تنتظر العالم عندما يدخل الصحفيون والإعلام العالمي لتوثيق حجم الدمار الشامل. وأشار إلى تقرير منظمة الصحة العالمية الذي قدر تكاليف إعادة إعمار القطاع الصحي وحده بأكثر من 7 مليارات دولار، كمؤشر على جسامة الكارثة. ونوه إلى أن مؤتمر الإعمار الذي تخطط مصر لاستضافته، بقيادة السيسي، هو الشريان الحيوي لإنقاذ غزة من براثن الجوع والمرض واليأس، وهو الاختبار الحقيقي للضمير الدولي.
الهزيمة الداخلية للكيان الصهيوني
وضح أبوالياسين أن الداخل الإسرائيلي يعترف بالهزيمة، عسكرياً وسياسياً، رغم محاولات قادته إخفاء ذلك. وأكد قائلاً: لقد أراد نتنياهو تدمير غزة وإخراج أهلها، لكنه فشل فشلاً ذريعاً. لقد أثبتت المقاومة أنها أقوى من آلة الحرب الصهيونية، وفضحت جرائمها أمام العالم. وورقة الأسرى التي احتفظت بها المقاومة لعامين، لم تعد ذات جدوى لنتنياهو، بل أصبحت عبئاً عليه، وتسليمهم الآن هو ضربة قاضية لسياسته الفاشلة. وشدد على أن أي عمل عدواني مستقبلي من “الكيان” سيكون بمثابة نهاية وجوده أمام الرأي العام العالمي.
وختم نبيل أبوالياسين بيانه بكلمات تحمل قوة التاريخ وصدق الإنسان، مؤكداً أن هذا السلام لم يولد من فراغ، بل هو ثمرة دماء شعب غزة الذي سطر بصلابه ملحمة لن تُمحى من ذاكرة الزمن، وإرادة قيادة مصرية حكيمة بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، ظلت كالجدار الأشم في دفاعها عن الحياة على حافة الموت. وإن كانت جروح غزة ستظل ندبة في ضمير العالم الحي، فإن هذه اللحظة هي بصيص النور الذي لا يُطفأ، الوحيد القادر على اختراق ظلام النفق الطويل.
وهنا، توجه أبوالياسين بنداء أخير إلى ضمير الإنسانية: لا تتركوا غزة وحيدة مرة أخرى، فليرافقها العالم في رحلة إعمارها، من الأنقاض إلى الحياة، ولتكن ‘العبرة بالخواتيم’ نبراساً نسير عليه، فلا سلام حقيقياً تحت نير الاحتلال، ولا كرامة دون دولة فلسطينية مستقلة، كاملة السيادة، ترفرف فوق كامل ترابها علم الحرية والعدل. وأنهى بقولة تخلو من المجاملة ولا تخلو من الأمل: لقد علمتنا غزة أن إرادة الحياة أقوى من كل آلات الموت، وأن طريق السلام الوحيد يبدأ حيث تنتهي العدالة إلى حق تقرير المصير.. فحين يملك الشعب زمام قدره، تولد المعجزات.