ادب وثقافة

العالم كله ينهار

جريدة موطني

العالم كله ينهار


عبدالقادر محمد الغريبل
يمسكون بك،يبصقون في وجهك حقيقتهم المبكية،يتقيأون في حضرتك معاناتهم البئيسة،طريقهم الشقي، حاملي قلوب طافحة بالمحبة ونفوس غامرة بالإخاء ذوو البشرة الترابية ،ذوو الياقات المتسخة،منتعلون أحذية متربة،الذين يقضون سنوات من حياتهم في السجون أو في المصحات الأمراض العقلية، قدامى المصلحين الذين يريدون اصلاح المجتمع و محاولة تغييره الذين يعيشون بأفكارثابتة ويحلمون بتكريس المثالية،وهم وحوش غير مؤذية قد يتسلى بهم حتى نادل المقهى بصب كؤوس مليئة حتى حوافها لا يستطيعون رفعها إلى أفواههم،الذين يغمغمون بكلام أقرب منه للهمس، يصفرون لسماع بعض الأغاني، الأنقياء راضون عن أنفسهم، أولئك الذين يخالون أنهم حماة أصحاب الكروش المترهلة كارهي المثل العلياو نقاء الضمائر،أصحاب السهر حتى مطلع الفجر والمترنحين الذين استخفهم بهم الشراب،الميسورين المساطيل، الوحوش الأقوياء بثبات إيمانهم الذين يستشهدون في مقاومة الجور، الوحوش المارقة ذوو الشوارب الكثة بأكتافهم المائلة بالرزم والأكياس أمام المخازن والمتاجر الكبرى،خدام للمتأنقين ضمن خانة الحشد المغفل،الليل لم يعد يحميك من مكابدتك لكوابيس معتمة في أيام الإجازة وحده الترفيه عن نفسك بالتنزه بأنحاء الغول الأسمنتي الذي إلتهم أشباهك من المتعبين،الوافدين من القرى البعيدة،أحجار بيضاء لا خدش بها تتزين واجهات مباني فخمة،حدائق غناء تظلل بوابات إقامات وجهاء القوم ، بيوتات قصديرية تبدو كنباتات الفطر بين أشجار عالية ضواحي المدينة الميتة،طوابير من طلبة،عمال، موظفون، نساء، فتيات،يتحركون بهستيريةبالغة شمالا… جنوبا، شرقا… غربا نحو وجهتهم في منعرجات المدينة الصاخبة، عاهرات، قوادون، سماسرة، نشالون، نصابون، متسولون، يمشون الهوينا يلتفتون يمينا وشمالا بحثا عن ضالتهم، ضحاياهم،سذج،غفلة بالمدينة المنحطة،طرقات يلفها مطر وضباب ونتانة سمك متعفن في ميناءها القديم للمدينة المتسخة، سكارى مترنحين مدمنين مزروعة بممنوعات صلبة…هشة.. سائلة بأرصفة المدينة المتفسخة، شقق مفروشة لعزاب ،إقامات طلبة،فنادق رخيصة داخل المدينة الجيفة، بحواجزها، بقضبانها، بالرعب الذي لا يطاق في شوارع ملأى برجال الشرطة والمبتزين عنوة لجيوب الناس ومضيئة بأعمدة النور في طرقات المدينة القميئة، مشردون منتشرين على مقاعد الحدائق مفترشين لقطع الكارتون في زوايا ميادين بالمدينة الخسيسة،حمقى،مجانين، يشتمون بأقذع السباب يرفسون المارة ولو بمزاج تعارض وتمرد بالمدينة الحزينة، مريض،مجنون ،عانس،عاقر حجيج يزور قباب أولياءو أضرحة صالحين، مدافن شهداء للتبرك بضواحي المدينة المباركة، أضواء باهتة في شوارع مكتظة مهرجون حزينون في نوادي ليلية أرتال من مسنين وعجزة مراهقين يؤمون مقاهي،محلات وجبات سريعة، مطاعم للمدينة الحالمة،مخازن عملاقة،مستودعات كبيرة محطات كبيرة ،ميادين فسيحة،ثكنات جنود ، مخافر بوليس ،إدرات حكومية مرافق عمومية مثل سجين في حبسه يتوق لحريته مثل مجنون في زنزانته يتحرق شوقا لإنطلاقته مثل جرذ في متاهة يبحث عن مخرج تعبر المدينة في جميع الإتجاهات مثل ساع حامل رسالة دون عنوان، أنت خائف تتوقع أن يتوقف كل شيء… مطر …ريح … ساعات …أبواق سيارات… بشر …العالم كله ينهار …كل شيءقائم …جسورعالية … مباني شاهقة …سقوف بيوت …سطوح تجمعات سكنية… مآثر تاريخية….تماثيل …أعمدة الكهرباء،دكت وسحقت لأنقاض وخرائب.
المغرب

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار