أخبار ومقالات دينية

 العبد مفتون بشهواته ونفسه

جريدة موطنى

 العبد مفتون بشهواته ونفسه

بقلم / محمــــد الدكـــروري

الحمد لله الذي بعث في الناس رسولا يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، أحمدك يا رب على أن اخترت الرسول الكريم ليكون نورا للعالمين، ثم الصلاة والسلام على نبينا محمد الذي كان ضياء للسالكين، وقدوة للناس أجمعين، الذي كان صلى الله عليه وسلم يُغدق في العطاء لمن يتألفه حيث قال أنس بن مالك رضي الله عنه ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، على الإسلام شيئا إلا أعطاه قال فجاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال يا قوم أسلموا، فإن محمدا يعطي عطاء لا يخشى الفاقة أي لا يخشي الفقر” رواه البخاري، وجاء إليه صلى الله عليه وسلم الصحابي سلمان الفارسي حين قدم المدينة بمائدة عليها رطب فوضعها بين يديه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما هذا يا سلمان ؟” 

قال صدقة عليك وعلى أصحابك قال صلى الله عليه وسلم “ارفعها فإنا لا نأكل الصدقة” فرفعها فجاء من الغد بمثله، فوضعه بين يديه يحمله فقال صلى الله عليه وسلم ” ما هذا يا سلمان ؟ فقال هدية لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ابسطوا” رواه أحمد، ومن ثم قال أنس بن مالك رضي الله عنه محدثا عن أثر هذه المعاملة الحسنة من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها ” رواه مسلم، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد فسبحان الله العظيم الذي امتحن العباد جميعا، فامتحن الجهال بالعلماء جتي ينظر عز وجل هل يطيعونهم، ويهتدون بهم؟ أم أنهم يعرضون عن أقوالهم، ويرجمونهم؟ وامتحن الملوك بالرعية، والرعية بالملوك، وامتحن الأغنياء بالفقراء، والفقراء بالأغنياء.

وامتحن الضعفاء بالأقوياء، والأقوياء بالضعفاء، والسادة بالاتباع، والاتباع بالسادة، وامتحن الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، والمؤمنين بالكفار، والكفار بالمؤمنين، وامتحن الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر بمن يأمرونهم، وامتحن المأمورين بالذين يأمرونهم، وكذلك كان فقراء المؤمنين، وضعفائهم من أتباع الرسل فتنة لأغنياء القوم، والملأ والرؤساء الكفرة فامتنعوا من الإيمان بعد معرفتهم بصدق الرسالة، فقال تعالى فى سورة الأحقاف ” لو كان خيرا ما سبقونا إليه ” فلو كان دين الرسل حقا ما سبقنا إليه هؤلاء الضعفاء والأراذل من القوم، فإذا رأى الشريف المسكين الذليل فاستبقه إلى الآيات، ومتابعة الرسول حمي وأنف أن يسلم فيكون مثله، ومثل من أسلم سواء لا يمكن أن يرضى بهذا. 

ولذلك ترضى أغلب الأغنياء والرؤساء الطغاة لا يتابعون الحق، وإنما يريدون الإصرار على باطلهم ويأنفون أن يدخلوا مع الناس في الدين لأنهم يريدون خصوصيات ومميزات عن سائر الخلق، وهذه الخصوصيات والمميزات بالمال والسلطة ولذلك استسهن كفار قريش بإسلام الفقراء أمثال بلال وخباب وصهيب وأبي ذر وابن مسعود وعمار ويقول كفار قريش انظر إلى هؤلاء الذين اتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من موالينا وأراذلنا، فقال الله تعالى ” وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون” فالفتنة إذن محك الإيمان وامتحان القلوب بها يتبين الصادق من الكاذب وفتن الله أصحاب الشهوات بأصحاب الصور الجميلة، وفتن الله أصحاب الشهوات بأصحاب الأشكال الحسنة والصور الجميلة.

وامتحن النوع الآخر بأصحاب الشهوات فكان كل من النوعين فتنة للآخر فمن صبر منهم نجا ومن أصابته الفتنة هلك وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تركت بعدي فتنة أضر من النساء على الرجال، فالعبد في هذه الدار مفتون بشهواته ونفسه الآمرة بالسوء وشيطانه المغوي، وقرنائه المزينين من الإنس فإذا أضيف إلى ذلك ضعف الإيمان، وضعف القلب، ومرارة الصبر على الشهوات، وحلاوة المعصية العاجلة في الدنيا وميل النفس إلى زهرة الحياة الدنيا .

 العبد مفتون بشهواته ونفسه

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار