المقالات

العبرة بأعمال القلوب

جريدة موطني

العبرة بأعمال القلوب

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الأول والآخر والظاهر والباطن، فهو الأول فليس قبله شيء، والآخر فليس بعده شيء، والظاهر فليس فوقه شيء، والباطن فليس دونه شيء، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، وسيد المرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم، أما بعد إن الإيجابية في حياة المؤمنين سمة وعلامة بارزة وواضحة، ولقد استطاع نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أن يغيّر من وجه الأرض خلال ثلاثة وعشرين عاما، وتمكن صلى الله عليه وسلم من إقامة دولة الإسلام بهذه المدة الوجيزة، هذه الغاية التي حققها صلى الله عليه وسلم ولم تحقق لأحد من إخوانه الأنبياء من قبله، وإن القرآن يأمرنا ويوجهنا إلى هذه الإيجابية في الحياة، وأن المسلم مسئول عن تغيير حياته على مستوى الفرد، وليس للإنسان إلا ما سعى إذا أراد حياة سعيدة.

 

 

وما سعى وأما إذا أردت أن تعيش الذل والهوان فابق على ما أنت عليه تتمنى، وكما أن من أهمية الإيجابية أنها تمنع من عذاب الله عز وجل، حيث أن المسلم الفطن هو الذي يعرف كيف يقي نفسه من السوء، بل ويقي غيره منه، وأعظم السوء أن يحل بقوم غضب الله وعقابه وانتقامه لذنوب اقترفوها ولم يرجعوا عنها، ولا يحل العذاب بقوم إلا إذا فشا فيهم المنكر، غير عابئين بنصح ناصح أو إرشاد مرشد، والطامة الكبرى أن يقع الجميع في المنكر ولا يوجد مَن يردهم عنه، ولا شك أن الذي يتحرك لتغيير المنكر هو الذي ينجيه الله عز وجل من سوء العذاب، وإن الأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب، فقد تكون صورة العملين واحدة كالصلاة مثلا وبينهما في التفاضل كما بين السماء والأرض والسبب أن الأول مقبل بقلبه على ربه.

 

والقلب الثاني هو سارح في هذه الدنيا بعيدا غافلا عن الله تعالى، ويقول النبى صلى الله عليه وسلم ” ما من مسلم يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة” رواه مسلم، إذا إن العبرة بأعمال القلوب لا بأعمال الجوارح، ويقول الله تعالى فى كتابه العزيز فى سورة الملك ” الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ” وهنا قال الله عز وجل، أحسن عملا ولم يقل أكثر عملا، ولهذا كان الصالحون من هذه الأمة لا يهتمون بكثرة العمل، وعلى هذا الأصل فإن “عبودية القلب اعظم من عبودية الجوارح” وإن القلب هدف للشيطان، لما علم الشيطان أن مدار النجاة على القلب أجلب عليه بالوسواس والشهوات والشبهات وزيّن له الباطل ونصب له المصايد والحبائل.

 

حتى يفسد هذا القلب ويجعله بعيدا عن ربه ومولاه غارقا في بحر الفتن، وإن أمراض القلب خفية وإهمالها يؤدي إلى الهلاك مثل الرياء والعجب والكبر والشهرة وغيرها، وهذه امراض خفية قد لا يعرفها صاحب هذا القلب وهذا قد يؤدي به إلى الهلاك، وهؤلاء قد اهتموا بالأعمال الظاهرة، وأهملوا أعمال القلوب ولم يراقبوا الله في خلواتهم، فعن سهل بن سعد الساعدي قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من اهل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة” وإن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطّلع عليها الناس، يقول الحسن البصري رحمه الله ” النفاق اختلاف السر والعلانية والقول والعمل” ويقول بلال بن سعد “لا تكن وليّا لله عز وجل، في العلانية وعدوا له في السر”

العبرة بأعمال القلوب

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار