العقلية السلفية الوهابية المتجمدة
بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر ٠
– أين كانت الجماعة السلفية الوهابية قبل خمسين عاما ؟! ٠
– و هل كان المجتمع الإسلامي على ضلال و بدعة منذ ١٤ قرنا حتى جاء السلفي هذا الجديد المبتكر ليصحح لنا جوهر و مقاصد الشريعة و يتجاهل مراتب الاجتهاد ؟!
هذا ما سنتعرف عليه في تلك السطور التالية بإذن الله حتى نبين للناس ما رسمه الفقهاء الثقات من قبل و ما حمل رسالته الأزهر الشريف بعيدا عن الذين من بني جلدته الذين انقلبوا عليه امام المُغريات ٠٠
في البداية نعم لقد ابُتلينا بالجماعة ( السلفية الوهابية ) و الجهادية و التكفيرية و كل من على شاكلتها منذ بضعة عقود ٠
و التي شعارها الجمود و إغفال مقاصد الشريعة و الحكمة من التشريع و مصلحة الإنسان و البيئة وسط تغير الأحوال ، فلم يهتموا بجوهر الدعوة الاسلامية و اكتفوا بالمظاهر الخارجية و الشكل و الرسم و تجريد الإسلام من أبسط معانيه ، بل و من ثوابت و أصل أركان هويته و مضمونه و تعاليمه السمحة هلم جرا ٠
أضف إلى عدم التفرقة بين المباح و المستحب و المندوب و المشروع و الواجب و الفرض و الاستحسان و الحرام و تجاهلوا كل شيء يفصل بين الأصول و الفروع و الاجتهاد لقضايا العصر الحديثة المستحدثة التي لم تكن موجودة في عصر بعثة الرسول صلى الله عليه و سلم و الصحابة و التابعين و أصحاب المذاهب الفقهية الأربعة المعتمدة من سواد الامة الإسلامية ٠
قد أعطوا فكرة مغلوطة عن الإسلام للمسلمين و غير المسلمين بفكرهم العقيم و كل من يحاول يكشف تسلطهم في السنوات الأخيرة يخوفون الناس علماني شيوعي مرتد زنديق كافر مبتدع فاسق خارج عن الملة ٠٠ الخ ٠
مفردات لم نسمعها من قبل و يتم توظيفها في غير سياقها حسب أهوائهم من باب الرغبة و الرهبة معا ٠
تركوا تخصصهم العلمي و العملي المفيد و تسلطوا على رقاب العباد جهلا و تعصبا من خلال قنوات و وسائل تواصل اجتماعي و كُتيبات رص آيات وأحاديث للاستشهاد بها في غير محلها لا تفريق بين العام و الخاص و المقيد و العلة ٠٠
تناسوا أن الأصل في الأشياء الإباحة و الحرام قد حرمه المشرع – الله عز وجل – في بيان واضح ، و يبقى الاجتهاد مفتوحا و متاحا لأهله من المؤسسات العلمية التي تمتلك تخصصات متاكملة في علوم اللغة و علوم الدين و الاجتماع و النفس و الطب و شتى المعارف التي تخدم الدين و الدنيا في توازن و استمرارية ٠٠
رحم الله الإمام الشافعي حينما كان يغير الفتوى عند زوله أي قُطر عربي حسب البيئة و الاستعداد و معايشة حياة الناس ٠٠
الكل يعلم الحرام ، لكن العالم و الفقيه هو الذي يجد مخرجا و حلا طيبا للناس ٠٠
لا عقلية جامدة تستخدم الحداثة لنفسها و تحرمها على الناس حسب الهوى و المزاج و اتباع أشخاص ظهروا أخيرا على الساحة ٠٠
أين كانت هذه الجماعات و التيارات منذ نصف قرن لا وجود لها ٠
لكن فجأة مع البترول و تصدير فكر معين معروف من بيئته و اتجاه ، لضرب كعبة العلم في العالم في مصر منارة الدين ( الأزهر الشريف ) حتى تحل هذه المفاهم مكانته و لكن هيهات هيهات الأسوياء بالمرصاد لهم فقد نفدت مراوغتهم و انسحب البساط ٠٠
حتى بعض الموجودين من بني الأزهر الشريف تم اختارقهم و أصبح الانتماء لهم فقط على حساب أمانة المنهج و رسالة الشهادة مثل شراء الذمم و تجنيدهم من قلب منابر الأزهر للترويج لهذا الفكر الاقصائي و الذي لا يؤمن إلا بنفسه ، كل هذا و ذاك معلوم الهدف و القصد للقاصي و الداني ٠٠
هل كانت الناس المسلمة و المجتمع يجهل هذا الدين القيم منذ ١٤ قرن من الزمان و أتى هؤلاء أتباع السلفية الوهابية كي تصحح الدين و نأخذ عن فلان و علان و نترك ما نقله لنا الفقهاء عن رسول الله و الصحابة و التابعين ٠٠
حتى شككونا في كل شيء ( بدعة و ضلالة ) و اجاوزا التكفير و القتل و مارسوا الاستعلاء و الكبر مجرد حافظين للنصوص دون وعي لمقاصد و حكمة التشريع و النظر في القضايا المعاصرة كل يوم مع حركة الحياة ٠
* و أخيرا تجاهلوا ( مراتب الاجتهاد ) في الأحكام الشرعية التي تنقسم إلى قسمين:
= اجتهاد مطلق ٠
= واجتهاد مقيد ٠
فالاجتهاد المطلق :
هو الاجتهاد في جميع أبواب الشرع، ويشمل الاجتهاد المطلق المستقل والاجتهاد المطلق غير المستقل وهو اجتهاد المنتسب ٠
– والمقيد :
وهو اجتهاد في المسائل التي لا نص عليها في المذهب، وفي تخريج ما لا نص عليه، واجتهاد في ترجيح ما ينقل من نصوص إمام المذهب ومن تخريجات أصحاب المذهب، وهي آخر مراتب الاجتهاد ٠
* مقاصد الشريعة :
مقاصد الشريعة الخمسة، والتي تُعرف أيضاً بـ “الكليات الخمس”، هي الأهداف الأساسية التي تسعى الشريعة الإسلامية لتحقيقها في حياة الناس، وهي:
حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل – والذي يشمل العرض – وحفظ المال ٠
و تهدف هذه المقاصد إلى بناء مجتمع متماسك صالحة للبيئة و المعايشة بداية من الأفراد والمجتمعات في توازن يضمن الاستمرارية لعظمة هذا الدين القيم ، وتعتبر من الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها ٠
و نجد الجماعة السلفية الوهابية شتت فكر الأمة العربية و الإسلامية بتصدرها الخطاب الديني غير المنضبط متجاهلة درجات و مراتب الاجتهاد و مقاصد الشريعة و البيئة و الأحوال و المقيد و غير المقيد و الفرق بين الأصول و الفروع و غير ذلك ٠٠
بل اغرقتنا في العقيدة و التوحيد و هو معلوم الله ربنا واحد لا شريك له فرد صمد له الأسماء الحسنى و الصفات العلا ليس كمثله شيء ٠٠
دون تجسيد و تجسيم ٠٠
و خلطوا بين الفرض و الواجب والمستحب و المكروه و الحرام ٠٠
و أيضا بين العادات و التقاليد الاجتماعية التي ليست لها دخل في العبادات و لا من جوهر و صميم الأركان ٠٠
حيث تتفاوت في الاستحسان الاجتماعي و النفعي و لا بأس بذلك في احتفال عرض ذكرى و حدث ووقائع دينية من باب السرد و السيرة و الدروس و العبرة و التربية و التنشئة و تهذيب النفوس و الإصلاح و معايشة التواريخ الإسلامية للنشر و التعليم لا دخل لها من قريب أو بعيد بالبدعة أصلا في الدين و هذا ظلم و افتراء و تخويف و فزاعة حتى ينفض الناس حول علم الأزهر و يدخلوا في السلفية الوهابية مغيبين العقل و الفكر و القراءة مجرد سمع وطاعة ، انضمام آليا بالوجدان و الميول و التبعية و هذا هو الأسلوب دائما ٠
و للحديث بقية إن شاء الله
( و على الله قصد السبيل )
العقلية السلفية الوهابية المتجمدة