العلم وهجر اللذات والراحة
العلم وهجر اللذات والراحة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 20 ديسمبر 2024
العلم وهجر اللذات والراحة
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وإمتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا أما بعد، يقول الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالي تأملت عجبا وهو أن كل شيء نفيس خطير يطول طريقه، ويكثر التعب في تحصيله فإن العلم لما كان أشرف الأشياء، لم يحصل إلا بالتعب والسهر والتكرار، وهجر اللذات والراحة، حتى قال بعض الفقهاء بقيت سنين أشتهي الهريسة لا أقدر لأن وقت بيعها وقت سماع الدرس، وفي ترجمة العلامة النحوي أحمد بن يحيى المعروف بثعلب رحمه الله قيل أنه كان سبب وفاته أنه خرج من الجامع يوم الجمعة بعد العصر، وكان قد لحقه صمم لا يسمع إلا بعد تعب، وكان في يده كتاب ينظر فيه في الطريق.
فصدمته فرس، فألقته في هوة، فأخرج منها وهو كالمختلط، فحمل إلى منزله على تلك الحال وهو يتأوه من رأسه، فمات ثاني يوم، وقال أبو الدرداء رضي الله عنه لو أُنسيت آية لم أجد أحدا، يذكرنيها إلا رجلا ببرك الغماد، رحلت إليه حكي عن ثعلب رحمه الله أنه كان لا يفارقه كتاب يدرسه، فإذا دعاه رجل إلى دعوة شرط عليه أن يوسع له مقدار مسورة يضع فيها كتابا ويقرأ، وقال أبو بكر بن أبي شيبة رحمه الله “من لم يكتب عشرين ألف حديث إملاء، لم يعد صاحب حديث” وقال نصر بن حماد البجلي رحمه الله سمعني شعبة أحدث عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن عطاء، عن عقبة بن عامر، قال كنا نتناوب رعية الإبل فتوضأت ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا أصحابه حوله فدنوت منه فسمعته يقول.
” من توضأ ثم دخل المسجد فصلى ركعتين غفر الله له ما تقدم من ذنبه” فقلت بخ بخ فذكر الحديث قال فلطمني شعبة فتنحيت في ناحية أبكي فقال ما له يبكي؟ فقال له ابن إدريس إنك أسأت إليه، فقال شعبة انظر ما يحدث عن إسرائيل، عن أبي إسحاق؟ أنا قلت لأبي إسحاق من حدثك بهذا الحديث؟ فقال حدثني عبد الله بن عطاء عن عقبة، فقلت سمع عبد الله بن عطاء من عقبة ومسعر حاضر، فقال مسعر عبد الله بن عطاء بمكة فرحلت إليه بمكة ولم أرد الحج أردت الحديث فسألت عبد الله بن عطاء عن الحديث، فقال سعد بن إبراهيم حدثني فقال مالك بن أنس سعد بالمدينة لم يحج العام فرحلت إلى المدينة فسألت عنه سعدا فقال الحديث من عندكم زياد بن مخراق حدثني، فقلت أي شيء هذا الحديث؟
بينا هو كوفي إذ صار مكيا إذ صار مدنيا إذ صار بصريا فأتيت البصرة فسألت زياد بن مخراق، فقال ليس الحديث من بابتك فقلت لابد من أن تخبرني به فقال حدثني شهر بن حوشب عن أبي ريحانة عن عقبة بن عامر، فلما ذكر شهرا قلت دمر على هذا الحديث قال نصر بن حماد قال شعبة والله لو صح لي هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحب إلي من أهلي ومالي ومن الناس أجمعين” بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم .