العمل وسيلة لتحقيق الذات
بقلم السفيرة الدكتورة/ ماجدة الدسوقي
يعتبر العمل واجبًا إسلاميًا على كل فرد لأنه يشعر الإنسان بقيمته وهو أحد أسرار الأمل الذي يدفع الإنسان لتحقيق أهدافه ، وهو ضرورة لتحقيق النمو والتطور ، حيث أن قواعد الإسلام ، وسلوك الأنبياء والصالحين تشير إلى وجوب العمل في مختلف أشكاله ولا يجوز لنا أن نستهين بأي مهنة أو حرفة مهما بدت ضئيلة القيمة ، فإنها في النهاية لها أهميتها في حركة الحياة ، ولا تستقيم الحياة بدونها ، ويقول عليه أفضل الصلاة (اعملوا فكل ميسر لما خلق ).
إن العمل ليس المصدر الرئيسي للدخل فحسب ، وإنما هو أيضا مصدرًا لتحقيق وتقدير الذات ومنحها الإحساس بالسعادة، لو تصورنا حياتنا خلت منها كل المشكلات التي تتطلب الحل ،وازيلت منها شتى الصعوبات التي تستلزم المواجهة ،وارتفعت عنها سائر المعضلات التي تحتاج للمعالجة ، وانعدمت فيها كل المخاطر التي تحفزنا إلى المجاهدة ….فهل مثل هذه الحياة ستكون سعيدة ، تهدأ إليها نفس الإنسان ، ويقنع عقله بها ، ويطمئن إليها قلبه ؟ بل ستكون هذه الحياة مملة رتيبة ، تخلو من كل قيمة ولا تحقق لصاحبها أدنى سعادة .
وهنا لا أقصد بالعمل القيمة المطلقة للعمل فحسب كشيء فطري في الخلق ،وإنما أعني بالعمل إرتباط الفكر بساحات الأداء البشري المفصل، وإتصال المعارف بالتجربة والتطبيق .
كما أن الواقع الراهن يؤمن بالحركة العملية ، ولم يعد شغوفًا بالفلسفة النظرية والتأملية الخالية من المعنى، بل إن العمل يُعطي للأفكار قيمتها وإشعاعها ، ويبرهن على عبقرية الجهد الإنساني الواقعي .
إن الذات الإنسانية تتحقق في العالم الخارجي من خلال الأعمال التي ينجزها ، والأفعال التي يؤديها الفرد بحيث أنها تصبح مركز إشعاع ذاتي في العالم الذي نعيش فيه . إن جوهر السعادة البشرية هو الشعور بالقيمة الشخصية مع عمل يكون المقوم الأساسي لهذا الشعور عند الأفراد ،كما أن العمل بالإضافة أنه وسيلة لكسب الرزق إلا أنه يسهم في تحسين الصحة النفسية للإنسان ويمده بالطاقة الإيجابية ويجعل حياته تسير على خطى ثابته ، كما أنه يساعد على تحديد هدفه بوضوح كي يرتقي بعمله من جميع النواحي ، ويشعر بأنه منتج وله دور مهم في بناء المجتمع ويسعى بجد واجتهاد ليُكوّن لنفسه حياة كريمة ، فما أعظم الإنسان القادر على أن يُقدم ويُعطي ويُتقن عمله .
العمل وسيلة لتحقيق الذات