
الفرصة الأخيرة؟ المجتمع الدولي أمام لحظة مفصلية لوقف نزيف الحرب في غزة
عبده الشربيني حمام
مع اتساع رقعة التصعيد بين إيران وإسرائيل، تزايدت الدعوات لضرورة استثمار اللحظة للدفع نحو إنهاء الحرب في قطاع غزة قبل أن تطرأ تطورات جديدة تُعقّد المشهد الإقليمي.
ووفقًا لمصدر دبلوماسي عربي، فإن “أي تأخير في التحرك نحو وقف إطلاق نار دائم في غزة يُعد بمثابة إضاعة فرصة حقيقية، خاصة أن ميزان القوى الميداني والسياسي قد لا يبقى على حاله لفترة طويلة”.
ويشهد الشرق الأوسط تحولًا استراتيجيًا بعد المواجهة العسكرية المباشرة بين طهران وتل أبيب، ما قد ينعكس بشكل مباشر على مسار الحرب في غزة. فإيران، التي تُعد أبرز داعمي حركة “حماس”، تواجه ضغوطًا داخلية وخارجية متصاعدة قد تحد من قدرتها على الاستمرار في تقديم الدعم المالي والعسكري للحركة، التي تمرّ أصلًا بأزمة غير مسبوقة على المستويين العسكري والسياسي.
ويرى مراقبون أن هذا التراجع المتزامن في قدرات إيران وحماس يفتح نافذة دبلوماسية أمام الوسطاء الإقليميين والدوليين لتحقيق اختراق سياسي حاسم قد يفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإنهاء واحدة من أكثر الحروب دموية في القطاع.
وفي هذا السياق، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال بأن بعض الوسطاء الإقليميين يعتبرون اللحظة الحالية “الأنسب منذ أشهر” للضغط باتجاه تسوية، في ظل انشغال إيران بجبهات أخرى قد تمثل تهديدًا مباشرًا لأمنها، وتراجع فعالية حماس على الأرض.
من جانبه، يرى المحلل السياسي الفلسطيني حسن سوالمة أن “تراجع الموارد وتضييق الخناق السياسي على حماس يجب أن يُقابَل بتحرّك دبلوماسي فعّال لتجنيب القطاع مزيدًا من الدمار”. وأضاف: “الشارع الغزي بات يبحث عن مخرج حقيقي، لا شعارات. الناس يريدون نهاية لهذه الحرب”.
أما على الصعيد الإنساني، فتشير تقارير أممية وطبية إلى تدهور غير مسبوق في أوضاع المدنيين داخل القطاع. وتشير آخر الإحصاءات إلى مقتل أكثر من 54 ألف فلسطيني، وإصابة أكثر من 110 آلاف آخرين، فضلًا عن تدمير نحو 90% من البنية التحتية، وتشريد نحو مليوني شخص، بينما يواجه أكثر من نصف مليون شخص خطر المجاعة.
ويؤكد محللون أن استمرار الحرب دون أفق سياسي أو دعم خارجي ملموس لن يؤدي سوى إلى المزيد من الانهيار، ليس في غزة وحدها، بل في مجمل الاستقرار الإقليمي.
فرصة قد لا تتكرر
ورغم تعقيدات الملف الفلسطيني، فإن تراجع الدعم الإيراني، بالتوازي مع الضغوط الدولية وانهيار البنية العسكرية لحماس، يُنظر إليه كفرصة نادرة للوصول إلى تسوية شاملة. لكن هذه الفرصة، كما يحذّر المراقبون، لن تظل مفتوحة إلى الأبد.
فهل تمثل هذه اللحظة بداية نهاية الحرب؟ أم أن حالة الجمود السياسي ستستمر، ليفوّت الفلسطينيون ومحيطهم الإقليمي آخر الفرص الممكنة للخروج من دوامة الصراع المستنزف؟