الشعر

القضاء امر ، ولا يحل الامر الا القضاء  

القضاء امر ، ولا يحل الامر الا القضاء  

عبدالسلام اضريف

القضاء امر ، ولا يحل الامر الا القضاء

 في محطة الحافلة ،جلس رجل عجوز وامرأة حامل ينتظران وصول الحافلة ، وكان العجوز يتطلع الى بطن المراة بنظرات فضول حتى سألها : 

  اي شهر انت ؟ 

كانت المرأة شاردة التفكير ، كما ان القلق يتسرب من ملامح وجهها الحزين في بداية الامر ، لم تُعِر سؤال العجوز اي اهتمام ، لكن بعد مرور لحظات اجابت قايلة : 

 في الاسبوع الثالث والعشرين .

رد العجوز : اهي اول ولادة لك ؟

اجابت المراة : نعم 

العجوز : لا داعي لكل هذا الخوف ، لا تقلقي ، سيكون كل شيء بخير ، وعلى ما يرام .

وضعت المراة يدها على بطنها ونظرت أمامه وهي تكبح دموعها وقالت : اٌمل ذلك حقا ،

العجوز : يحدث ان يتضخم شعور المرء بالقلق احيانا على أشياء لا تستدعي منه كل هذا القدر من التفكير 

اجابت المراة بنبرة حزينة : ربما .

العجوز اكثر فضولا ، قال : يبدو انك تمرين بفترة عصيبة ، لماذا زوجك ليس بجانبك ؟ 

لقد هجرني قبل اربعة اشهر .

لكن لماذا ؟ 

الامر معقد بعض الشيء .

وماذا عن عائلتك ؟ اصدقائك ؟ اليس لذيك احد ؟ 

اخدت الحامل نفسا عميقا ، وقالت : اعيش برفقة والدي المريض فقط .  

فهمت ، اتجدينه سندا قويا الان كما كان في صغرك ؟

نزلت الدموع من عينيها ، وقالت : اجل حتى وهو في حالته تلك .

من ماذا يشكو ؟ 

فقط هو لا يستطيع تذكر من اكون ، قالت جملتها الاخيرة ، وبعد لحظات فقط من وصول الحافلة التي ستقلهما ، قامت من مكانها ، وقالت : لقد وصلت حافلتنا، ومشت بضع خطوات ،فيما بقي الرجل العجوز جالسا عل الكرسي ، التفتت الحامل الى الخلف ، وعادت تمسكه من يده ، وقالت : 

هيا بنا يا ابي .

منقول 

            ” هيا بنا يا ابي ” 

        هنا علينا ان نتوقف قليلا ، ونتامل في هذا الخطاب المليء بالعبر ، المليء بالعطف ، المليء بالعطاء ، المليء بالشوق المتدفق ، البعيد عن الجفاء وعن القسوة ، انه البرور ، انه الحق ،انه التنزيل الواقعي ” …وصاحبهما في الدنيا معروفا…”  

           تلكم هي قصة الحياة ، حيت يتصرف الخالق فيها كيف يشاء ، وكيفما يريد ، فلا احد من الخلق له ضمانات او تامين على البقاء في حالة من الاحوال ، او مركز من المراكز ، فمن بعد قوة ، ضعفا وشيبا ، ومن بعد عافية الى سقم قاس ، ومن عِزة الى دل ، ومن سلطان الى عبودية ، ومن مرض ميؤوس منه حيت يَيِسَ الأطباء في علاجه ، تحول فجاة الى شفاء قد يحار الفهم في تفسيره ، وكما ان لكل بداية نهاية ، ولكل شروق غروب .

 أيام الحياة يتداول فيها الخالق كيف يشاء ،وكيف يريد ، يوم ُُ نُساء ، ويوم نُسر ، فلا تدوم مسارها ، ولا تدوم مضارها ،يقول الحق سبحانه وتعالى ،وقوله الحق :   

” وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ” 

وذلك لحكمة اراد الله عز وجل من خلالها ، معرفة حقيقة شخص معين ، هل يقبل بالتحول الذي يطرا على مركزه الاجتماعي ، او الصحي ،الى غير ذلك من الطوارىء التي لم يكن يحسب لها حساب ، ام انه يتمرد على ذلك القدر .

 

              قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : الْحَرْبُ سِجَالٌ . فَيَوْمٌ عَلَيْنَا وَيَوْمٌ لَنَا . وَيَوْمٌ نُسَاءُ وَيَوْمٌ نُسَرُّ ، فُلانٌ بِفُلانٍ ، وَفُلانٌ بِفُلانٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ : قُلْ لَهُ : لا سَوَاءَ ، قَتْلانَا فِي الْجَنَّةِ أَحْيَاءٌ يُرْزَقُونَ ، وَقَتْلاكُمْ فِي النَّارِ يُعَذَّبُونَ “ .

             انشد علي بن أبي طالب:

 إذا عقد القضاء عليك أمرا 

                              فليس يحله إلا القضاء

 فما لك قد أقمت بدار ذل 

                             وأرض الله واسعةفضاء

 تبلغ باليسير فكل شيء 

                            من الدنيا يكون له انتهاء

وقال أيضًا :  

ما لا يكون فلا يكون بحيلة،

                         ابدا وما هو كاين سيكون 

سيكون ما هو كاين في وقته 

                      واخو الجهالة متعب محزون يسعى القوي فلا ينال بسعيه 

                    حظا ويحظى عاجز ومهين 

القضاء امر ، ولا يحل الامر الا القضاء  

عبدالسلام اضريف

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار