المرأة في زمن العولمة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم الثلاثاء الموافق 2 يناير 2024
الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، وأسعد وأشقى، وأضل بحكمته وهدى، ومنع وأعطى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العليّ الأعلى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى والرسول المجتبى، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى، ثم أما بعد لقد صعد الخطيب المنبر وصرخ فى الناس بقصة ” دقة بدقة ولو زدت لزاد السقا” ثم عقب كلامه منتصرا لخطبته بقوله ” كما تدين تدان” فإنه دأب كثير من الوعاظ والخطباء عندما يحذرون من جريمة الزنا عافانا الله وإياكم وفي صدد ذكرهم لعواقبها وغوائلها أن من فعل هذه الفعلة قد يعاقب بأن تكون بأهله، ومن ذلك قولهم “ومن يزني يزنى به ولو بجداره” وقصة ” دقة بدقة ولو زدت لزاد السقا ” ولكن هل لهذا من أصل شرعي ”
وخصوصا إذا استحضرنا قول الله تعالى ” ولا تزر وازرة وزر أخرى” ومقتضى العدل أن الله تعالي لا يعاقب أمرأة برة عفيفة صالحة بفساد وجرم أحد محارمها، إذ كيف يبتلي الله عز وجل وله المشيئة التامة المجرم بأن ينتهك عرض أحد محارمه التي لا علاقة لها بل هي له كارهة، واعلموا يرحمكم الله إن بعض الأولياء قد يستخدم أسلوبا مغايرا في طرق الزواج لوليته أو لإبنته فهو لا يرفض الخاطب، ولكنه بحيلته ومكره ودهائه يجعل الفتاة المسكينة هي التي يؤجل الزواج من أجل غاية خسيسة، ومغزى فاضح، فتراه يذكرها بما أنفقه عليها طول بقائها وأثناء دراستها ويمن بذلك عليها، ويلاطفها بالكلام العذب ويستعطف قلبها الطيب الرقيق، فيطلب منها أن تبقى معه إلى السنة القادمة، من أجل مساعدة أمها أو تعليم إخوانها.
أو غير ذلك من الحيل الماكرة، كل ذلك من أجل الاستيلاء على راتب الموظفة التي تكد وتتعب ويأتي الظلمة ويأكلون ذلك بغير حساب لشعور من تعب من اجل الحصول عليه، وكل ذلك أيضا حبا في الدنيا وزينتها، فكم ستعيش أيها الأب القاسي ستين سنة أو أكثر من ذلك أو أقل، ثم أين المصير ؟ إنها حفرة طولها مترين، وعرضه نصف متر، فماذا أعددت لها ؟ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة” متفق عليه، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم “يتبع الميت ثلاثة، أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع أهله وماله ويبقى عمله” متفق عليه، فما الفائدة التي جناها الآباء من تلك النقود التي جمعوها من جراء ظلم البنات ؟ وأي عمل خرجوا به من هذه الدنيا وهم على تلك الحال المخزية من آكل لأموال البنات ؟
وظلم وجور وتعد لحدود الله تعالى بعضلهم للبنات ؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم أيضا “تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة إن أعطي رضي وإن لم يعط لم يرض” رواه البخاري، وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يارسول الله، دلني على عمل إذا عملته أحبني الله، وأحبني الناس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس” رواه بن ماجة، فبنظرة إلى وضعية المرأة في الإسلام ووضعيتها في زمن العولمة نقف على أن الإسلام راعى جميع ما ينفع المرأة، معتبرا المحافظة عليها وصيانتها من أيدي العابثين مطلبا شرعيا، حاثا على المحافظة عليها وإكرامها وعدم الإساءة إليها، فهلا عدنا إلى النبع الصافي ومنهج السماء، بعيدا عن التقدم المرذول والتحضر الممقوت، فهو وحده الذي يعلم ما يضرنا وما ينفعنا. المرأة في زمن العولمة