بقلم: عمادنويجى
مشهد مهيب اجتاح منصّات التواصل الاجتماعي مؤخرًا
مصريون من مختلف الأعمار والمناطق يرتدون الزيّ الفرعوني، يبتسمون بعدسات الكاميرا بفخرٍ صادق، ويعلنون للعالم أن أحفاد الفراعنة ما زالوا هنا… على هذه الأرض، بجذور تمتد آلاف السنين.
إنها ليست مجرّد صور للاحتفال بافتتاح المتحف المصري الكبير،
بل ظاهرة وطنية تحمل بين طياتها رسالة انتماء نادرة،
رسالة تقول إن المصري – مهما تغيرت الأزمنة وتبدلت الأحوال – لا ينسى أصوله ولا يتبرأ من حضارته، بل يزداد التصاقًا بها كلما حاول البعض طمسها أو التقليل من شأنها.
الانتماء… شعور لا يُورّث بالكلام
ما فعله المصريون لم يكن بقرار رسمي، بل باندفاعٍ تلقائيٍ نابِعٍ من القلب.
ارتداء الزيّ الفرعوني لم يكن تقليدًا غربيًا أو ترفًا ثقافيًا، بل كان ترجمة صادقة لشعورٍ دفين بالفخر.
شعور يقول: “نحن أصحاب أول حضارة كتبت اسمها على الحجر،
نحن الذين شيّدنا التاريخ قبل أن يعرف العالم معنى التاريخ.”
المتحف… بوابة إلى الذاكرة
افتتاح المتحف المصري الكبير ليس مجرد حدث ثقافي،
بل هو عودة الوعي الجمعي إلى حضارةٍ صاغت هوية المصري على مدار آلاف السنين.
كل حجر، كل تمثال، كل بردية هناك ليست قطعة أثرية فحسب،
بل شاهد حي على قدرة المصري على البقاء رغم العصور والتقلبات.
مصريتنا التي لا تموت
في زمنٍ ساد فيه الاغتراب الثقافي، يطل المصري مرةً أخرى بملامحه المشرقة ليقول:
“أنا من هنا… من أرض الشمس والنيل،
أنا امتداد لمن بنوا الأهرام، وحفروا القنوات، وعلّموا العالم معنى الإبداع.”
ذلك التفاعل الشعبي الذي ملأ مواقع التواصل بالصور والعبارات لم يكن نزوة لحظة،
بل تجسيد لصحوة الانتماء،
وتأكيد على أن جذور الهوية المصرية لا تموت مهما مرت عليها رياح التغيير.
ختامًا
الانتماء لا يُلقَّن في الكتب، ولا يُفرض بالشعارات،
إنه إحساس يولد حين يرى الإنسان نفسه في حضارته،
وحين يدرك أنه جزء من قصةٍ أكبر منه،
قصة اسمها مصر…
التي علّمت الدنيا معنى الخلود.

