المعنى الحقيقي للإسلام
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، ثم أما بعد أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فهي وصية الله للأولين والآخِرين، كما قال تعالى ” ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله ” فاتقوا الله عباد الله، ثم اعلموا أنه قد إنتشر في عقد هذا الزمن نظرة سلبية من غير المسلمين تجاه الإسلام وأهله، فأزكت تلكم النظرة خطاب كراهية ضدهما، حتى أضحى سمة بارزة في عدد من وسائل أولئكم، وقد كثر الحديث عنها وعن دوافعها.
فلم يخرج الأمر عن أن الذي يغذي خطابَ الكراهية ضد الإسلام والمسلمين إما عمق عقدي، وإما ردة فعل عكسية لأغلاط غير مقبولة من أناس ينتسبون إلى الإسلام، وإما بالأمرين جميعا، فأما ما كان سببه عمقا عقديا فلا حيلة لأمة الإسلام تجاهه، فلو جاءتهم كل آية لم يستطيعوا نزعه من صدروهم إلا أن يشاء الله، فإن من شبّ على شيء شاب عليه، وأما ما كان سببه راجعا إلى ردة فعل عكسية لأخطاء بعض أهل الإسلام فإن هذا هو ما يعنينا بالدرجة الأولى، لأن أهل الإسلام هم المعنيون بالقدوة الحسنة، وموافقة أفعالهم لما ينتسبون إليه، فإن الطرف الآخر لا يفرق بين الإسلام وبين المنتسبين إليه، فأي غلط يقع فيه أحد منهم سيلقون باللائمة على الإسلام، وإن من المؤسف أن كثيرا ممن يخالط غير المسلمين لا يعكس صورة إيجابية عن الإسلام بما يقع منه في أفعاله وأقواله وأخلاقه.
إنهم لا يصلهم منه معنى سماحة الإسلام ولا عالميته ولا عدله ولا شموليته ولا كماله في كل زمان ومكان، ومن هنا وجب على أهل الإسلام عامة وأهل المعرفة خاصة أن يكونوا صورا مشرقة للإسلام في ديار غير المسلمين، عبر الخطاب الوسطي والقلم المعتدل والتعامل الحميد، وأن يشيعوا بين أولئك القوم المعنى الحقيقي للإسلام في نظرته إلى الحياة سياسة واقتصادا وثقافة وحضارة وإلى الفرد ذكرا وأنثى، وإلى الأسرة المكونة من الأفراد، وإلى المجتمع المكون من الأسر، وأن الإسلام دين قيم يستوعب شئون الحياة كلها، وما يقع من خطأ لأحد المسلمين فإنه منه لا من الإسلام، وكما يجب أن يكون للإعلام والمنظمات ونحوها جهود مبذولة في هذا الأمر العظيم، فإن عليهم من المسئولية والتبعة ما ليس على من دونهم، وإن أمضى الوسائل وأقلها كلفة ومؤونة خلق رفيع.
وخطاب مشرق يسع المسلم به أولئك القوم، فإن للأخلاق مضيا لا يبلغه غيرها، والله الهادي إلى سواء السبيل، هذا وصلوا رحمكم الله على خير البرية، وأزكى البشرية محمد بن عبد الله صاحب الحوض والشفاعة، فقد أمركم الله بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكته المسبحة بقدسه، ونادي عليكم أيها المؤمنون، فقال جل وعلا ” يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ” فاللهم صلي وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد، صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهم عن خلفائه الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر صحابة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمينن أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه وتوبوا إليه إن ربي كان غفورا رحيما.