أخبار ومقالات دينية

 المقصود الأعظم من الأعمال

جريدة موطنى

 المقصود الأعظم من الأعمال

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي كان بعباده خبيرا بصيرا، وتبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، واللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه اجمعين وسلم تسليما كبيرا، فإن الصحابة الكرام هم الذين رباهم النبي صلى الله عليه وسلم، وغرس خلق الرحمة في قلوبهم، فكانوا خير مثال في التراحم والتعاطف والتآزر والمحبة والمودة، فلقد علّم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الرحمة، حتى صار الرجل المعروف بشدته وصرامته هينا لينا رحيما رؤوفا، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لولا هداية الله له، ما كان يعرف الرحمة، وما كانت عيناه تعرف الدموع ولا اللين، كان رضي الله عنه من أقسى الناس في الجاهلية، لا يعرف المهادنة ولا يعرف الحوار ولا السهولة واللين. 

فلما سكب النبي صلى الله عليه وسلم إناء الرحمة في قلبه، كان أرحم الناس وأرق الناس، فقد وقف رضي الله عنه على المنبر يوم الجمعة فغلبته عيناه فلم يستطع أن يتكلم، يأتي ليصلي بالناس فلا يسمع الناس قراءته من شدة البكاء، وكان في خديه خطان من أثر البكاء، فمن الذي جعل في قلبه هذه الرحمة؟ ومَن الذي جعله شفوقا حليما ودودا؟ فقد قال مرة لأسلم مولاه أتنام الليل؟ قال نعم، قال عمر والله ما نمت منذ ثلاث، فقد جعل الله في عنقي الأرملة، والمسكين، والشيخ الكبير، والعجوز، واليتيم، وإن الذكر هو المقصود الأعظم وأجمع العلماء على جواز الذكر بالقلب واللسان للمحدث والجنب والحائض والنفسا وكذلك التسبيح والتحميد والتهليل فقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام هذا الحديث يدل على أن الثواب لا يترتب على قدر النصب في جميع العبادات.

بل قد يأجر الله تعالى على قليل الأعمال أكثر مما يأجر على كثيرها، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قحط المطر على عهد أبي بكر الصديق، فاجتمع الناس إلى أبي بكر فقالوا السماء لم تمطر، والأرض لم تنبت, والناس في شدة شديدة، فقال أبو بكر انصرفوا واصبروا، فإنكم لا تمسون حتى يفرج الله الكريم عنكم، قال فما لبثنا أن جاء أجراء عثمان من الشام، فجاءته مائة راحلة بُرّا، أو قال طعاما فاجتمع الناس إلى باب عثمان، فقرعوا عليه الباب، فخرج إليهم عثمان في ملأ من الناس، فقال ما تشاءون؟ قالوا الزمان قد قحط السماء لا تمطر، والأرض لا تنبت، والناس في شدة شديدة، وقد بلغنا أن عندك طعاما، فبعنا حتى نوسع على فقراء المسلمين، فقال عثمان حبّا وكرامة، ادخلوا فاشتروا، فدخل التجار، فإذا الطعام موضوع في دار عثمان.

فقال يا معشر التجار كم تربحونني على شرائي من الشام؟ قالوا للعشرة اثنا عشر، قال عثمان قد زادني، قالوا للعشرة خمسة عشر، قال عثمان قد زادني، قال التجار يا أبا عمرو، ما بقي بالمدينة تجار غيرنا، فمن زادك؟ قال زادني الله تبارك وتعالى بكل درهم عشرة، أعندكم زيادة؟ قالوا اللهم لا، قال فإني أشهد الله أني قد جعلت هذا الطعام صدقة على فقراء المسلمين، فقال ابن عباس رضي الله عنهما فرأيت من ليلتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وهو على برذون أبلق وهو الذي فيه سواد وبياض عليه حُلة من نور، في رجليه نعلان من نور، وبيده قصبة من نور، وهو مستعجل، فقلت يا رسول الله، قد اشتد شوقي إليك وإلى كلامك فأين تبادر؟ قال يا ابن عباس، إن عثمان قد تصدق بصدقة، وإن الله قد قبلها منه وزوّجه عروسا في الجنة، وقد دعينا إلى عرسه”.

 المقصود الأعظم من الأعمال

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار