الرئيسيةاخبارالنشاط التجاري في عصر سلاطين المماليك
اخبار

النشاط التجاري في عصر سلاطين المماليك

النشاط التجاري في عصر سلاطين المماليك

النشاط التجاري في عصر سلاطين المماليك

الدكروري يكتب عن 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن فترة حكم الدولة المملوكية، وهي دولة المماليك، وكما تذكر المصادر أنه كان عصرا مليئ بالنشاط التجاري، ومما يدل على النشاط التجاري في عصر سلاطين المماليك هو إنتعاش ثغور الدولة وموانيها، مثل أسوان بالنسبة لتجارة النوبة، وعيذاب بالنسبة لتجارة الصين والهند واليمن، ودمياط والإسكندرية وطرابلس وبيروت وصيدا بالنسبة للتجارة مع القوى الأوروبية، وخاصة المدن الإيطالية. 

 

وما يقال عن التجارة الخارجية يمكن تطبيقه على التجارة الداخلية، إذ إشتهرت مدن الشام ومصر الكبرى بأسواقها الحافلة بالبضائع، وإحكام الرقابة عليها من جانب المحتسبين لمنع التلاعب في الأسعار أو الأوزان أو أصناف البضاعة، على أن الجشع سرعان ما دفع سلاطين دولة المماليك الشراكسة إلى إتباع سياسة إحتكارية عنيفة، فإحتكروا تجارة التوابل والبخور، وبالغوا في تحديد أثمانها حتى بلغ ثمن الفلفل مثلا في الإسكندرية أضعاف ثمنه في الشرق الأقصى عشرين مرة، ولقد بلغت سياسة الإحتكار هذه أشدها على عهد السلطان الأشرف برسباي الذي أبطل التعامل بالنقد البندقي والفلورنسي وسك الدينار الأشرفي ليكون أساسا للتعامل مع التجار الأوروبيين، وأخيرا ضاق الأوروبيون ذرعا. 

 

بسياسة سلاطين المماليك وإحتكاراتهم، فجدوا في البحث عن طريق آخر يمكنهم من الحصول على حاصلات الشرق بثمن معقول وما زالوا يجدون حتى إكتشفوا طريق رأس الرجاء الصالح في نهاية القرن التاسع الهجري الموافق للقرن الخامس عشر للميلاد، فكان ذلك إيذانا بتدهور مركز الدولة المملوكية التجاري في التجارة العالمية، وأخيرا يلاحظ عدم إستقرار الحياة الإقتصادية في عصر المماليك بسبب تلاعب السلاطين بالعملة، أو حدوث الفتن والمنازعات بين طوائف المماليك، هذا فضلا عن أن أهل مصر كانوا يعيشون تحت رحمة فيضان النيل، فإذا إنخفض الفيضان حدثت أزمة إقتصادية في البلاد وإرتفعت الأسعار وإشتد الجوع وربما إنتشر الطاعون في البلاد وسقط الموتى في الطرقات دون أن يجدوا من يدفنهم. 

 

وقد خصّ عهد الناصر محمد بن قلاوون بلقب عصر الموسوعات لظهور موسوعة مسالك الأبصار في ممالك الأمصار وهو كتاب في الجغرافية والتاريخ والأدب وعلم الإجتماع والطبيعيات، لرئيس ديوان الإنشاء شهاب الدين أحمد بن فضل الله العمري، وموسوعة نهاية الأرب في فنون الأدب وهو كتاب فلك وجغرافية وطبيعيات وتاريخ وإجتماع وأدب وسياسة في اثين وثلاثين جزءا لشهاب الدين النويري وبعدهما بقليل موسوعة صبح الأعشى في صناعة الإنشا للقلقشندي ولكن يصلح إطلاق لقب العصر الموسوعي على مجمل العصر المملوكي لشيوع التأليف الموسوعي بحفز من حيوية المجتمع المسلم لجمع التراث العربي الإسلامي. 

 

وحفظه من الإندثار بعد الضياع الكبير الذي لحقه بسبب الغزو المغولي، فشاع نمط الكتابة الموسوعية كما عند جمال الدين ابن منظور في معجمه اللغوي الجامع لسان العرب الذي قال عنه الزركلي جمع فيه أمهات كتب اللغة، فكاد يغني عنها جميعا، وعند ابن النفيس في موسوعته الطبية الصيدلانية الشامل في الطب، التي أمضى بتأليفها أكثر من ثلاثين سنة، وترك منها ثمانين جزءا، وذكر أنه خطط لها أن تكون في ثلاثمائة جزء، ومازالت بعض أجزائها بخطه محفوظة في البيمارستان المنصوري بالقاهرة تعود لسنة ستمائة وواحد واربعين من الهجرة، وعند الدميري في كتاب حياة الحيوان الكبرى.

النشاط التجاري في عصر سلاطين المماليك

النشاط التجاري في عصر سلاطين المماليك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *