النفس في الإسلام
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 27 مارس 2024
الحمد لله وفَّق من شاء لمكارم الأخلاق وهداهم لما فيه فلاحهم يوم التلاق أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الخلاّق، وأشهد أن محمدا عبد الله وسوله أفضل البشر على الإطلاق صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين أما بعد إن النفس في الإسلام هي ملك لله سبحانه وتعالى، ولابد أن تعيش آمنة مطمئنة وفق شرع الله، فلا يحق لصاحبها أن يوردها المهالك، أو يحملها فوق طاقتها، ولا أن يقتل المرء نفسه للخلاص من قلق حلّ به في الدنيا، لأي سبب من الأسباب، وإن من الوسائل لتكفير الذنوب هو الكفارات، حيث إن الذنوب التي يرتكبها الإنسان ذات بعد اجتماعي حتى لو كان ذلك الذنب هو الإفطار في شهر الصيام، فكيف لو تم هذا الافطار من زنا، فهناك مجموعة من الذنوب التي يرتكبها المسلم لها آثار اجتماعية وخيمة.
ومن أجل تصحيح الموقف كان لابد لمن ارتكب الذنب أن يعوض المجتمع بجزء من ماله، لإطعام ستين مسكينا أو عشرة مساكين في بعض الموارد، ويُسمى هذا المال الذي يدفعه المسلم عوضا عن ارتكابه لهذا الذنب بالكفارة، فالكفارة إذن هو وسيلة من وسائل تحقيق الأمن الاجتماعي فهو من ناحية يمنع التجاوز على قيم وضوابط المجتمع، بتشريع الضريبة المالية الموجعة في بعض المرات، ومن جانب آخر يعوض المجتمع بالأخص الطبقة الفقيرة بمقدار من المال عند قيامه بالتجاوز فعلا، ولاشك ان هذا الأسلوب وهو الكفارات، يقوم على فكرة واقعية وراقية وهي إن للذنوب التي قد يرتكبها المسلم آثارا اجتماعية، وانها تتسبب في فقد التوازن الاجتماعي ومن أجل إعادة هذا التوازن للمجتمع لابد من توجيه عقوبة مالية لمرتكب الذنب.
وهي مقدار من المال تصرف على فقراء المجتمع، وكذلك أيضا فإن هناك أشهر وأماكن الحرم، فإنه لشدة اهتمام الإسلام بالأمن الاجتماعي حدد لنا أربعة أشهر حرم يحرم فيها القتال، كما وحدد بعض الأماكن المقدسة التي يحرم فيها حمل السلاح كالمسجد الحرام، وهذا يعني في الواقع إن الإسلام ضد الحرب والقتال وانه دين السلام والمحبة، وانحصار الأشهر الحرم بأربعة أي ثلث السنة لا يعني أنه يدعو إلى القتال في الأشهر الأخرى، بل هو من باب تدريب الناس على التعايش السلمي والابتعاد عن الحرب حدد هذه الأشهر الأربعة لتتأصل هذه العادة في النفوس التي اعتادت على التصارع والقتال والعنف ثم لتتحول إلى قيمة اجتماعية وحضارية، وأنه مهما اشتد أوار الصراع في الأرض فثمة أماكن آمنة حددها الإسلام يستطيع أن يلتجأ إليها الإنسان الخائف على حياته.
ففي هذه الأماكن سيجد مأمنه ويزول عنه الخوف حيث ليس هناك من يهدده في حياته أو ماله، وهذا مما يمنح الإنسانية مقدارا من الشعور بالأمن والاستقرار بأن ثمة أماكن يمكن له أن يطمئن اليها على حياته مهما كانت الخطورة الموجهة إليه، وهذه الفرصة يمنحها الإسلام للإنسان الخائف على حياته بسبب اعتداء ظالم موجه إليه وهو بالطبع لا يشمل المجرمين الذين يفرون إلى هذه الأماكن للتخلص من العقاب فهؤلاء لا يحصلون على هذا الامتياز حيث يضيق عليهم حتى يخرجوا من هذه الأماكن لينالوا جزاء أعمالهم.
النفس في الإسلام