الرئيسيةاخبارالنيل بين شريان الحياة وميدان الصراع:
اخبار

النيل بين شريان الحياة وميدان الصراع:

النيل بين شريان الحياة وميدان الصراع:

النيل بين شريان الحياة وميدان الصراع:

 

كتب أشرف ماهر ضلع 

هل يُغيّر السودان مجرى النهر ليغيّر مصيره؟

 

منذ آلاف السنين ظلّ النيل الأبيض والأزرق يتعانقان في قلب الخرطوم، يصنعان مجرى واحداً يهب السودان ماءه وزراعته واقتصاده. لكن في زمن التحولات الكبرى والفيضانات المتكررة وتدفّقات سد النهضة غير المحسوبة، عاد إلى السطح مشروع جريء، قد يبدّل الخريطة الجغرافية والمائية للبلاد: تحويل مجرى النيل الأبيض من جبل أولياء حتى الدبة شمالاً.

 

حلم قديم يعود إلى الحياة

 

ليست الفكرة وليدة اللحظة، فقد طرحتها عقول هندسية منذ الحقبة الاستعمارية، ثم أحياها المهندس السوداني عثمان حيدر في تصور هندسي متكامل.

المشروع يقوم على شق قناة تختصر مجرى النيل الأبيض من 1700 كيلومتر إلى نحو 470 كيلومتراً فقط، مما يقلّص فاقد المياه بالتبخر والتسرب، ويفتح أمام السودان أبواباً زراعية جديدة تتجاوز مليوني فدان، أي ما يعادل مشروع الجزيرة من حيث الاتساع والإمكانات.

 

بين الحلم والمخاوف

 

يرى أنصار المشروع أنه ليس مجرد إجراء هندسي، بل خطة استراتيجية قد تضع السودان في موقع متقدم في معادلة الأمن الغذائي الإقليمي، وتدرأ عنه كوارث الفيضانات التي اعتادها كل عام.

لكن على الضفة الأخرى، تقف أصوات معارضة:

 

وزير الري الأسبق د. عثمان التوم يحذر من أن المشروع يفتقد الجدوى، مؤكداً أن الحل يكمن في تنظيم التدفقات القادمة من إثيوبيا عبر آلية مشتركة لا في شق القنوات.

 

الخبير البيئي د. الفاتح يس يرفض المساس بمجرى النيل الأبيض، معتبراً أن الخطر الحقيقي في النيل الأزرق وتدفقات سد النهضة، لا في الأبيض. ويرى أن أي تدخل في النهر قد يفتح الباب لمشكلات بيئية أعقد.

 

في قلب معركة سد النهضة

 

لا ينفصل الجدل حول المشروع عن معركة السودان مع تدفقات سد النهضة. فكل فيضان جديد يكشف عجز السدود الحالية، مثل سد الروصيرص، عن استيعاب كميات المياه المتدفقة من الهضبة الإثيوبية. وهكذا يصبح النقاش حول تحويل النيل الأبيض جزءاً من معركة أوسع تتعلق بأمن السودان المائي ووجوده نفسه.

 

السودان بين مفترقين

 

اليوم يقف السودان أمام مفترق خطير:

 

إما أن يغامر بمشروع هندسي يعيد رسم خريطته الزراعية والمائية.

 

أو أن ينصت لصوت البيئة والتحذيرات من العبث بنهر ظلّ لآلاف السنين شاهداً على الحياة والتاريخ.

 

يبقى النيل، كما كان دوماً، قضية وجود لا مجرد جدول ماء. وبين طموح الهندسة ومخاوف البيئة، بين الحلم والريبة، يبحث السودان عن معادلة ذهبية تضمن له الكرامة المائية في زمن تتصارع فيه السياسات مع الجغرافيا

النيل بين شريان الحياة وميدان الصراع:

 

النيل بين شريان الحياة وميدان الصراع:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *