الوسادة الذكيّة

ضع رأسك يا هذا..
ضعه برفق على وسادتك الذكيّة
ولا تخف فهي مضمونة ضدّ الكوابيس
مزوّدة بذاكرة سحابيّة ..
وحسّ تعاطف اصطناعيّ بدرجة
مقبولة حسب المعايير الأوروبية ..
نم .. ودعها تفعل عنك المشقّة الكبرى
أن تحلم حسب الطلب …
أيّتها الوسادة الذكيّة .. يا معجزة النّعاس المبرمج
ها أنا أضع رأسي فوقك
وأسلّمك مفاتيح الوعي وكلمة المرور إلى اللاوعي
فاحلمي عنّي إنّني مشغول بتحديث نفسي ..
احلمي عنّي فأنا متعب من الأحلام اليدويّة
تلك التّي تحتاج إلى خيال بدائيّ
وإلى قلب غير مشفّر
احلمي عنّي ولا تنسي أن تفعّلي وضع الطيران
كي لا تزعجك إشعارات ضميري ..
في الزمن القديم .. كان الناس ينامون على القشّ
ويحلمون بالقمح ..
الآن ننام على السيليكون
ونحلم بالإصدار القادم من التحديثات ..
علّمي قلبي طريقة الدخول إلى
وضع الاقتصاد في العاطفة
فالرومانسيّة الآن تستهلك
بطّارية الروح بسرعة فاضحة
قولي للحنينِ أن يتوقف عن إرسال التنبيهات
وللفرح أن يكتفي بإشعار صامت
فأنا لا أملك مساحة إضافية في ذاكرتي
ولا أريد حذف ملفّات الألم
فهي التطبيق الوحيد الذي
ما زال يعمل بلا إعلانات ..
أيّتها الوسادة ..
إذا رأيت حلما باسمي،
فأرسليه إليّ في بريد إلكترونيّ مشفّر
مع ملخّص بالعربيّة والإنجليزية
ولا تنسي أن تضيفي رمزا تعبيريا
يليق بحالتي الوجوديّة ..
احلمي أنّني أحب
لكن بحذرٍ من شروطِ الخدمة
احلمي أنّني أكتب شعرا
عن وطن بلا مشاكل
خال من العنف والتخلّف والوهم
ثمّ ارسلي لي شعارا ..
تمّت معالجة حلم جديد أثناء نومك ..
هل ترغب في مشاركته على مواقع التواصل ؟
يا وسادتي ..
أخبريهم أنني حلمت ..
بأنّني كنت إنسانا ..
ذات مرّة قبل أن أنام …
بقلم : معز ماني . تونس .
الوسادة الذكيّة

