اليوم العربي للتطوع يبرز روح العطاء والتضامن في مجتمعنا
بقلم د : خالد السلامي
في عالمٍ يموج بالتحديات والتغيرات المتسارعة، يبقى التطوع نبراسًا يضيء دروب الأمل والتفاؤل، وجسرًا يربط بين القلوب والأيادي من أجل بناء غدٍ أفضل. يأتي “اليوم العربي للتطوع” في الخامس عشر من شهر سبتمبر ليكون محطةً سنوية نتوقف عندها لنستذكر قيمة العطاء وروح المبادرة التي تسكن في نفوس أبناء الوطن العربي، ولنعيد التأكيد على أن التطوع هو قوةٌ قادرة على إحداث التغيير الإيجابي في المجتمعات.
التطوع في التراث العربي: جذورٌ ضاربة في عمق التاريخ
لطالما كانت قيم الكرم والجود والعطاء سماتٍ أصيلة في الثقافة العربية. فقد كانت القبائل تتسابق في إكرام الضيف، ومساعدة المحتاج، ونصرة المظلوم. هذه القيم لم تكن مجرد عاداتٍ اجتماعية، بل كانت تمثل نظامًا أخلاقيًا متكاملًا يحث على التآزر والتعاون. وفي العصر الحديث، تطورت مفاهيم التطوع لتشمل مجالاتٍ أوسع وأساليبَ أكثر تنظيمًا وفعالية.
الإمارات: نموذجٌ رائد في مأسسة العمل التطوعي
تُعد دولة الإمارات العربية المتحدة مثالًا حيًا على كيفية تحويل قيم التطوع إلى مؤسساتٍ ومبادراتٍ ذات تأثيرٍ واسع. فقد أطلقت القيادة الرشيدة العديد من البرامج التي تهدف إلى تعزيز ثقافة التطوع بين المواطنين والمقيمين. من مبادرة “عام الخير” التي شهدت إطلاق آلاف المشاريع التطوعية، إلى “منصة متطوعين.إمارات” التي تجمع بين الراغبين في التطوع والفرص المتاحة، تعكس هذه الجهود رؤية الإمارات في أن تكون منارةً للعطاء الإنساني.
الشباب: طاقةٌ متجددة ومحركٌ للتغيير
يُشكل الشباب العمود الفقري لحركة التطوع في العالم العربي. بفضل حماسهم وإبداعهم، استطاعوا إطلاق مبادراتٍ رائدة في مجالات التعليم والصحة والبيئة والتكنولوجيا. فرقٌ شبابية تسعى لحماية البيئة من خلال حملات التشجير وتنظيف الشواطئ، ومجموعاتٌ أخرى تستخدم التقنيات الحديثة لنشر الوعي الصحي أو تقديم الدعم النفسي عبر المنصات الرقمية. إنهم يثبتون يومًا بعد يوم أن التغيير يبدأ بفكرةٍ وإرادة.
التطوع والتكنولوجيا: آفاقٌ جديدة للتأثير
مع التطور التكنولوجي الهائل، أصبح التطوع أكثر سهولةً وانتشارًا. فمن خلال التطبيقات والمنصات الإلكترونية، يمكن للمتطوعين المشاركة في مبادراتٍ عن بُعد، وتقديم خبراتهم ومهاراتهم لخدمة المجتمع. كما أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أداةً فعالة لنشر قصص النجاح وتحفيز الآخرين على الانضمام إلى ركب التطوع.
قصصٌ تلهم: نماذجٌ من العطاء العربي
في زوايا الوطن العربي، تتجلى قصصٌ لأفرادٍ وجماعاتٍ قدموا الكثير دون انتظار مقابل. مثلًا، مبادرة “مكتبة لكل بيت” في إحدى الدول العربية، التي تهدف إلى نشر الثقافة والعلم من خلال توزيع الكتب مجانًا. أو حملة “قلوب دافئة” التي تجمع الملابس والبطانيات للمحتاجين في فصل الشتاء. هذه القصص وغيرها كثيرٌ تعكس جوهر التطوع وروحه الحقيقية.
التطوع في مواجهة التحديات العالمية
لم يكن التطوع يومًا أكثر أهميةً مما هو عليه الآن، خاصةً في ظل الأزمات العالمية مثل جائحة كورونا والتغير المناخي. لقد أثبت المتطوعون أنهم خط الدفاع الأول في مواجهة هذه التحديات، من خلال تقديم الدعم الصحي، وتوعية المجتمعات، والمساهمة في حملات التطعيم، والعمل على مبادرات الاستدامة البيئية.
دعوةٌ مفتوحة: كن جزءًا من التغيير
“اليوم العربي للتطوع” هو نداءٌ لكل فردٍ في مجتمعنا ليكون جزءًا من قصة النجاح والتقدم. التطوع لا يتطلب جهدًا خارقًا أو وقتًا طويلًا، بل يبدأ بخطوةٍ بسيطة: مساعدة جارٍ، تعليم طفلٍ، حماية شجرةٍ، أو حتى ابتسامةٍ صادقة في وجه من حولك. فكل عملٍ مهما كان صغيرًا، يمكنه أن يحدث فرقًا كبيرًا في حياة الآخرين.
الخاتمة: معًا نحو مستقبلٍ أكثر إشراقًا
إن الاحتفاء بـ”اليوم العربي للتطوع” هو احتفاءٌ بالإنسانية في أبهى صورها. فلنجعل من هذا اليوم نقطة انطلاقٍ جديدة نحو تعزيز ثقافة التطوع في مجتمعاتنا، ولنستمر في مدّ جسور العطاء والتعاون. فبأيدينا نبني، وبأرواحنا نلهم، وبعزيمتنا نصنع المستقبل الذي نطمح إليه. لنجعل من التطوع قصةَ نجاحٍ تروى للأجيال القادمة، ولتكن رسالتنا الدائمة: العطاء بلا حدود، والإنسانية بلا قيود
المستشار الدكتور خالد السلامي – سفير السلام والنوايا الحسنة وسفير التنمية ورئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة ورئيس مجلس ذوي الهمم والإعاقة الدولي في فرسان السلام وعضو مجلس التطوع الدولي وأفضل القادة الاجتماعيين في العالم لسنة 2021 وحاصل على جائزة الشخصيه المؤثره لعام 2023 فئة دعم أصحاب الهمم وحاصل على افضل الشخصيات تأثيرا في الوطن العربي 2023 وعضو اتحاد الوطن العربي الدولي. عضو الامانه العامه للمركز العربي الأوربي لحقوق الإنسان والتعاون الدولي رئيس الهيئه الدوليه لأصحاب الهمم في مؤسسة سفراء البورد الأوروبي .