ايهاب محمود : مصر بين توازن القوى وصراع المصالح الدولية
كتب: حسام النوام
في ظل عالم يموج بالتحولات والصراعات الجيوسياسية، كان لنا هذا الحديث مع المهندس إيهاب محمود، الخبير الاقتصادي وعضو الغرفة التجارية الألمانية، الذي قدم قراءة دقيقة للمشهد الدولي والإقليمي، مؤكدًا أن ما يجري اليوم ليس أحداثًا متفرقة، بل مشهد واحد متكامل يعاد رسمه على خريطة المصالح والنفوذ العالمي.
المشهد الدولي المضطرب
قال المهندس إيهاب محمود:
“إذا أردنا أن نفهم حقيقة ما يجري، علينا أن ننظر إلى الخريطة لا إلى الأخبار المتفرقة. من نيبال التي شهدت اضطرابات سياسية ومظاهرات واسعة، إلى أفغانستان التي تتعرض لضغوط أمريكية لإعادة قواعد الاحتلال العسكري، إلى كوريا الشمالية التي تتلقى رسائل متناقضة من واشنطن بين التودد والتهديد. في المقابل، نجد تصعيدًا في اليابان عبر تعزيز القواعد العسكرية، وفرض ضغوط عليها بعدم الاعتراف بدولة فلسطين”.
الولايات المتحدة ومحاولة حصار الصين
ويضيف:
“الولايات المتحدة اليوم تعيد ترتيب وجودها العسكري والاقتصادي من أجل محاصرة الصين. الهدف واضح: ضرب مشروع الحزام والطريق، وقطع ممرات التجارة التي تربط الشرق بالغرب. لذلك نشهد تصعيدًا في تايوان، وتدفقًا للأسلحة، إلى جانب استخدام الهند وباكستان كورقة في هذا الصراع، بعدما اصطفّت نيودلهي إلى جانب واشنطن عبر صفقات استثمارية وعسكرية كبرى”.
الصين تخرج عن صمتها
ويؤكد المهندس إيهاب:
“الصين لم تعد ذلك العملاق الصامت، بل خرجت لتعبر عن موقفها بوضوح. رأينا مناورات عسكرية مشتركة مع مصر، وجسرًا جويًا ينقل تقنيات عسكرية وصناعية متطورة، في رسالة تؤكد أن بكين لن تقف مكتوفة الأيدي أمام محاولات حصارها. ليس هذا فحسب، بل وجهت بكين رسائل حادة إلى إسرائيل بشأن التهجير في فلسطين، مؤكدة أن القاهرة هي رمانة الميزان في المنطقة”.
أوروبا… الخاسر الذي يبحث عن الخلاص
ويشرح:
“أوروبا اليوم تبدو الجرح النازف في هذه المعادلة. بعد حرب أوكرانيا فقدت سلاحها ومواردها وانهارت بعض دعائمها الاقتصادية. لكنها بدأت تعيد النظر، وتبحث عن استعادة مكانتها عبر بوابة العرب. إعلان دول أوروبية نيتها الاعتراف بفلسطين ليس فقط خطوة سياسية، بل رسالة بحث عن دور جديد وتحالفات اقتصادية جديدة تعوض ما فقدته في علاقتها مع واشنطن”.
مصر… الثبات في عالم متغير
ويختتم المهندس إيهاب محمود حديثه قائلاً:
“وسط هذه المعادلات المتشابكة تقف مصر بثبات غير مسبوق. القاهرة اليوم ليست مجرد دولة إقليمية، بل مركز توازن استراتيجي. فمصر منفتحة على الصين، محافظة على علاقاتها مع أوروبا وأمريكا، ثابتة في دفاعها عن القضية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه تبني اقتصادًا قويًا عبر تطوير الموانئ والبنية التحتية وممرات التجارة الدولية. هذه المكانة لم تأتِ بالصدفة، بل نتيجة رؤية واعية وسياسة خارجية متوازنة تقوم على احترام الذات الوطنية وحماية المصالح العليا للدولة”.