الدكروري يكتب عن بابل والامبراطورية الكلدانية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن الامبراطورية الكلدانية والتي قيل أنها تميزت الامبراطورية الكلدانية بالعمران والفنون والعلوم، وكان حكام بابل استعادوا تراث بلاد ما بين النهرين القديم، حيث احيوا التراث السومري الاكدي وبالرغم ان اللغة الآرامية اصبحت اللغة العامية عند البابليون لكن اللغة الأكادية كانت اللغة الرسمية في الوثائق والدواوين الرسمية، وقد تأسست بابل كدولة مستقلة على يد زعيم عموري يدعى سومو أبوم، واستمرت لأكثر من قرن بعد تأسيسها دولة صغيرة وضعيفة نسبيا، وخضعت لسيطرة الدول المجاورة مثل إيسن ولارسا وآشور وعيلام، ولكن الملك حمورابي حوَّل بابل إلى قوة عظمى وغزا بلاد ما بين النهرين وما يحيط بها، مؤسسا الإمبراطورية البابلية الأولى.
وقد استمرت سلالة حمورابي بقيادة الإمبراطورية، بعد وفاته لقرن ونصف تقريبا، لكن الإمبراطورية البابلية انهارت بسرعة بعد ذلك وعادت بابل مرة أخرى دولة صغيرة ضعيفة، حيث سقطت بابل على يد الملك الحيثي مورسيلي الأول، وبعد ذلك سيطر الكاشيون على بابل وحكموها لمدة خمسة قرون تقريبا قبل أن يعزلهم حكام بابل الأصليين الذين استمروا في حكم بقايا دولة بابل، وقد تكوَّن سكان بابل في الفترة البابلية الوسطى من مجموعتين رئيسيتين، وهم البابليون الأصليون وهم يتألفون من أحفاد السومريين والأكاديين والعموريين والكاشيين، بالإضافة إلى رجال القبائل الذين وصلوا مؤخرا مثل الآراميين والكلدانيين، وبحلول القرن الثامن قبل الميلاد.
فقدت المجموعات البابلية الأصلية هويتها وثقافتها القديمة واندمجت في ثقافة بابلية جديدة موحدة، وأصبح الكلدانيون على الرغم من احتفاظهم بعادتهم القبلية، وطريقة حياتهم أكثر تحضرا وميلا لطريقة العيش البابلية، إذ اعتمد العديد من الكلدان أسماء بابلية، وأصبح هؤلاء الكلدانيون البابليون لاعبين مهمين في الحياة السياسية البابلية، وبحلول عام سبعنائه وثلاثين قبل الميلاد، كانت جميع القبائل الكلدانية الرئيسية قد خرج منها ملك بابليّ واحد على الأقل، وكان القرنان التاسع والثامن قبل الميلاد كارثيان للمملكة البابلية، حيث فشل العديد من الملوك الضعفاء الذين تعاقبوا على الحكم في السيطرة على المجموعات المختلفة التي تشكل المجتمع البابلي، أو فشلوا في هزيمة المنافسين.
أو فشلوا في الحفاظ على الطرق التجارية المهمة، وقد دفع هذا الانهيار في نهاية المطاف الجارة الشمالية القوية لبابل، وهى الإمبراطورية الآشورية الحديثة التي يتحدث شعبها الأكادية أيضا، إلى التدخل عسكريا، ودمجوا بابل في إمبراطوريتها، وقد أشعل هذا الغزو الآشوري كفاحا بابليا استمر لأكثر من قرن من أجل الاستقلال عن آشور، وعلى الرغم من أن الآشوريين دمجوا بابل في إمبراطوريتهم، واستخدموا لقب ملك بابل بالإضافة إلى لقب ملك آشور، فإن السيطرة الآشورية على بابل لم تكن مستقرة أو مستمرة تماما، وشهد الحكم الآشوري العديد من الثورات البابلية الفاشلة.