الرئيسيةاخباربلطجة في المدارس.. واقع يهدد مستقبل الأمة
اخبار

بلطجة في المدارس.. واقع يهدد مستقبل الأمة

بلطجة في المدارس.. واقع يهدد مستقبل الأمة
بقلم: رضوان شبيب محرر صحفي

في عصر يفترض أن يكون التعليم ركيزة النهضة والتقدم، نجد أنفسنا أمام كارثة حقيقية تهدد نسيج المجتمع المصري: انتشار البلطجة داخل المدارس وخارجها. ليس هذا مجرد عنف عابر، بل نظام اجتماعي فاسد يحول الفصول الدراسية إلى ساحات صراع، ويفسد عقول الشباب قبل أن يبنيها. كمصري يخاف على سمعة بلده، أرى في هذه الظاهرة إعلانا حربا على إنسانيتنا، ودعوة ماسة لإصلاح فوري قبل فوات الأوان.

لننظر إلى الواقع المرير الذي يعيشه طلابنا يوميًا. طالب يذهب إلى المدرسة بحثا عن العلم والمعرفة، ليجد نفسه ضحية لشغب آخر، يقلب جيوبه ويفَرْدُ نفسه عليه بالضرب والإهانة. هذا ليس خيالا، بل واقعا موثقا في تقارير الشرطة والإعلام. في الغربية، على سبيل المثال، أفادت جريدة “حوادث الغربية” بارتفاع حالات الاعتداء داخل المدارس بنسبة 30% خلال العام الدراسي 2024-2025، مع حوادث سرقة وانتقام جماعي تُشعل مواقع التواصل الاجتماعي يوميًا. وفي بني سويف، استغاث أب بعد اعتداء على نجله داخل مدرسة حكومية، قائلا:
،،صمت الإدارة ،، يشجع على البلطجة”. أما في القاهرة، فقد ضبطت الشرطة أربعة طلاب يمارسون السرقة بالإكراه أمام بوابة مدرسة، في مشهد يذكر بأفلام الجريمة لا ببيئة تعليمية.

المشكلة تكمن في اختلاط الطلاب دون تمييز، حيث يجتمع أبناء المصرين من جميع الفئات في فصل واحد، دون آليات لفصل المتفوقين أو المتعثرين سلوكيا. زمانا، كان هناك “فصل المتفوقين” الذي يحمي الغيور من الحقد، و يُشجع على المنافسة الإيجابية. اليوم، مع ازدحام الفصول (تصل إلى 50 طالبًا في بعض المدارس)، تتحول الشراسة إلى انتقام شخصي، ويصبح الضعفاء فريسة الأقوياء. هذا الاختلاط غير المدروس يولد حقدا متراكما، ينفجر في شوارع خارج المدرسة، حيث تستمر البلطجة كا متداد لما تعلمه الإهمال داخلها.

وفين دور المشرفين و الاخصائيين الاجتماعيين في هذا الخراب؟ المشرفون، الذين يفترض بهم أن يكونوا حراس السلامة، غالبا ما يغفلون عن الخروج اليومي أو النزاعات الصغيرة التي تكبر إلى كارثة. أما الأخصائيون الاجتماعيون، فهم نادرون – لا يوجد أكثر من واحد لكل 500 طالب في معظم المدارس الحكومية، وفقًا لتقرير وزارة التربية والتعليم لعام 2025. هؤلاء المسؤولون عن حل النزاعات ودعم النفسي، يعملون تحت ضغط هائل دون تدريب كاف، مما يجعل دورهم شكليا لا جوهريا. هل يعقل أن تترك أرواح الشباب عرضة للخطر بسبب غياب الرقابة؟

هذه ليست مجرد عينة من الحوادث؛ إنها صرخة لإصلاح جذري. أدعو وزارة التربية والتعليم إلى:
1. إعادة تفعيل نظام الفصول المتخصصة (أكاديميا وسلوكيا) لتقليل التوترات.
2. تعزيز عدد الأخصائيين الاجتماعيين إلى واحد لكل 200 طالب، مع برامج توعية أسبوعية ضد البلطجة.
3. تشكيل لجان أمن مدرسي مشتركة بين الإدارة والشرطة، مع عقوبات تأهيلية لا طردا عشوائيًا.
4. حملات وطنية بالتعاون مع المجلس القومي للطفولة، لتوعية الآباء والطلاب بقيم الاحترام والتعاون.

الجريمة لا تفيد، والعنف لا يبني أمة. إن مصر تستحق تعليما ينتج قادة لا مجرمين. فلنصحُ السلطات قبل أن يتحول الغد إلى كارثة أكبر. إنا لله وإنا إليه راجعون، لكن المسؤولية علينا اليوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *