الرئيسيةاخبارترامب يحذر وحماس ترد.. صفقة على أنقاض غزة
اخبار

ترامب يحذر وحماس ترد.. صفقة على أنقاض غزة

نبيل أبوالياسين : ترامب يحذر وحماس ترد.. صفقة على أنقاض غزة

في زمنٍ أصبحت فيه الكلمات أكثر فتكاً من الرصاص، والوعود أكثر غدراً من القنابل، تطفو على سطح المشهد السياسي المأزوم صفقة جديدة، يحملها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كـ”إنذار أخير” إلى حركة حماس. بينما يجثم شعب غزة تحت ركام بيوته، ويتلوى جوعاً تحت حصار لا يرحم، تُطرح الصفقات وكأنها منّة على ناسٍ لم يبقَ لهم إلا أرواحهم المهدرة كرهائن في مساومةٍ سياسية قذرة. هذه المرة، يحذّر ترامب وتردّ حماس، ولكن على من تقع تبعات الرفض أو القبول؟ وعلى أية أرضٍ ستُوقّع هذه الاتفاقيات؟ إنها أرضٌ مغموسة بدماء الأطفال والنساء، ومشبعة بأصوات القصف الذي لا يتوقف.

مقترح ترامب: صفقة أم فخّ جديد؟

يقدم ترامب مقترحاً يدّعي فيه أنه يهدف إلى “وقف الحرب” و”تحرير الأسرى”، ولكن الوقائع على الأرض تصرخ بسؤالٍ واحد: هل هذه خدعة جديدة أم أن العالم قد ملَّ بالفعل من كثرة مشاهد القتل والتدمير الذي طال كل شيء في غزة وغيرها من الأراضي الفلسطينية؟ المقترح يشترط على حماس الإفراج عن جميع الرهائن في اليوم الأول، مقابل إطلاق إسرائيل مئات الأسرى الفلسطينيين ووقف العمليات العسكرية. لكن التاريخ يعلمنا أن صفقات التهدئة مع الاحتلال غالباً ما تكون مدخلاً لأعنف الهجمات، وأن كلمة “وقف إطلاق النار” قد تعني في القاموس الصهيوني مجرد استراحة محارب.

الإجرام في أبهى صوره: الضغط على الضحية ودعم الجاني

إنه المشهد الأكثر إثارة للاشمئزاز: الضغط على الضحية ودعم الجاني. ترامب، الذي لم يتردد في إظهار تحيزه المطلق لإسرائيل، يوجّه إنذاراته إلى الطرف الذي يُدمر بيوته ويُقتل أبناءه يومياً. إنه يضغط على شعبٍ يحاول النجاة من الموت، بينما يمنح الجاني كل شرعية لمواصلة جرائمه. هذه ليست وساطة نزيهة؛ بل هي صفقةٌ تكرّس منطق القوة وتغذي ثقافة الإفلات من العقاب. إنها إعادة إنتاج لأسباب المعاناة، بدلًا من البحث عن حلول عادلة.

واشنطن وسيط غير نزيه.. ومطلب دولي بضامن محايد

العالم سئم بالفعل من الركود الكاذب والضمانات الأمريكية المخادعة. فوفقاً للتقريرات وعدد مرات استخدام حق النقض “الفيتو” في الأمم المتحدة، الذي يحصن المجرم ويغطي على جرائم الحرب، أصبحت الولايات المتحدة شريكاً فعلياً في كافة الجرائم التي ارتكبت في غزة. لقد أسقطت واشنطن أي قناع للحياد وأصبحت وسيطاً غير نزيه، ولا لبس في هذه الحقيقة التي تدركها جميع شعوب العالم. لذلك؛ يتوجب الآن دخول أطراف دولية يشهد لها بالنزاهة والموضوعية، كدول عربية أو إسلامية بجانب الصين و منظمات دولية مستقلة، لتكون ضامنة لهذا الاتفاق حتى لا تقوم إسرائيل بنقضه تحت ضوء أمريكي أخضر، وكي لا تتحول أي صفقة إلى مجرد هدنة مؤقتة تمهد لجولة إبادة جديدة.

الرد الفلسطيني: إرادة الحياة فوق صفقات الموت

ردت حركة حماس بتأكيد انفتاحها على أي مقترح يحقق وقفاً دائماً للعدوان، وانسحاباً كاملاً للقوات الإسرائيلية، وتبادلاً حقيقياً للأسرى. لكنها شددت على ضرورة ضمان التزام الاحتلال بما سيُتفق عليه، حتى لا تتكرر تجارب الخداع السابقة. الرد يحمل رغبةً واضحة في إنهاء المعاناة، لكنه أيضاً يعبّر عن حكمة شعبٍ تعلم أن لا يثق بوعود المحتل وأذرعه الدولية. إنها إرادة الحياة التي تنتصر رغم كل محاولات الإخضاع.

التواطؤ التكنولوجي: عندما تتحول الشركات العالمية إلى أدوات حرب

يكشف تحقيق صادم أن شركات التكنولوجيا العملاقة مثل جوجل وأمازون ومايكروسوفت تشارك بشكل مباشر في الجريمة. من خلال توفير خدمات التخزين السحابي والذكاء الاصطناعي للجيش الإسرائيلي، أصبحت هذه الشركات شريكة في تنفيذ عمليات القتل والمراقبة الجماعية. لقد حوّلوا البيانات إلى سلاح، والمعلومات إلى أدوات للقمع. السؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل ستُحاكم هذه الشركات أمام المحاكم الدولية على جرائم الحرب التي تساهم فيها؟ أم أن القوة الاقتصادية ستظل هي القانون الأعلى؟.

وختامًا: لن يموت حقٌ وراءه حق

إن الصفقات التي تُطرح على أنقاض المدن وعلى جماجم الأطفال لن تكون أبداً أساساً لسلام حقيقي. إنها ترسم صورةً قاتمة لعالمٍ أصبحت فيه الإنسانية سلعةً رخيصة، والكرامة البشرية مجرد ورقة مساومة. لكن التاريخ يعلمنا أن الشعوب التي تتشبث بحقها لا تُهزم، وأن صمود غزة سيبقى شاهداً على فشل كل مشاريع الإبادة. ولن يموت حقٌ وراءه حق، ولن تُدفن قضيةٌ تحمل في طياتها كل معاني العدالة والحرية. الدماء التي سالت في غزة ستظل ناراً تحرق كل من حاول التطبيع مع الجريمة، وشتان بين صفقة ترامب وإرادة شعبٍ يرفض أن يموت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *