الدكروري يكتب عن تنشئة المسلم وإعداده
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو علي كل شيء قدير وسبحانه وتعالي أكبره تكبيرا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريته الطيبين، وخلفائه والتابعين له بإحسان له إلى يوم الدين، أما بعد إن التربية هي تنشئة المسلم وإعداده إعدادا كاملا من جميع جوانبه، لحياتي الدنيا والآخرة في ضوء الإسلام وإن شئت قل هي الصياغة المتكاملة للفرد والمجتمع على وفق شرع الله تعالى، وإن التربية ليست قاصرة على تربية الجسم فقط، وليست قاصرة على تعريف الولدِ ببعض الأخلاق والآداب فقط، بل هي أوسع وأشمل من هذا وإليك بعض جوانبها، وإن خير ما يربى عليه الأبناء.
وآكد وأوجب ما يراعى في تربية الأبناء التربية الإيمانية، فأول ما يغرس الوالدان في قلب الولد الإيمان بالله عز وجل الذي من أجله خلق الله خلقه وأوجدهم، فأول ما ابتدأ به وأول ما دله عليه في وعظه ونصحه وتوجيهه، أن ذكره بحق الله جل جلاله، وبين له أن ضياع هذا الحق هو الظلم العظيم لأن الظلم وضع الشيء في غير موضعه، ولقد ركز منهج الإسلام في التربية على تنمية جانب المراقبة لله تعالي في النفس الإنسانية خصوصا الأبناء، وقال صلى الله عليه وسلم “علموا أولادكم الصلاة إذا بلغوا سبعا واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا وفرقوا بينهم في المضاجع” وقال ابن حجر رحمه الله واستحب جماعة من السلف منهم ابن سيرين والزهري، وقال به الشافعي أنهم يؤمرون به للتمرين عليه إذا أطاقوه.
وكما أن للأبوين الأجر العظيم إذا صبرا على تعليم ولدهما القرآن، وقال السيوطي رحمه الله تعليم الصبيان القرآن أصل من أصول الإسلام، فينشأون على الفطرة، ويسبق إلى قلوبهم أنوار الحكمة قبل تمكين الأهواء منها، وسوادها بأكدار المعصية والضلال، ويقول أبو بكر بن العربي رحمه الله وللقوم في التعليم سيرة بديعة وهي أن الصغير منهم إذا عقل بعثوه إلى المكتب، وقال علي بن المديني رحمه الله توريث الأولاد الأدب، خير لهم من توريث المال، فالأدب يكسبهم المال، والجاه والمحبة للإخوان، ويجمع لهم خيري الدنيا والآخرة، ومما يساعد على ذلك هو تكوين مكتبة صغيرة في المنزل تحتوي على المختصرات المفيدة في الآداب، وكتب السيرة، لا سيما ما يتعلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وغزواته.
وكتب قصص الأطفال التربوية الهادفة، وتعتبر القدوة من أهم وأبرز ما يعين على غرس الصلاح والاستقامة في نفوس الأبناء، وقال عمرو بن عتبة ينبه معلم ولده لهذا الأمر ليكن أول إصلاحك لولدي إصلاحك لنفسك، فإن عيونهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما صنعت، والقبيح عندهم ما تركت تأديب الناشئين، ودخل أحدهم مع أولاده على إبراهيم الحربي رحمه الله، فسأله إبراهيم هؤلاء أولادك؟ فقال الرجل نعم، قال إبراهيم احذر أن يروك حيث نهاك الله فتسقط من أعينهم، هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فاللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد،كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد.