«ثقافة التصنع والتكلف »
الجزء الثالث
رؤيتى : د/علوى القاضى.
… ومن أسباب إضطراب الشخصية المتصنعة المتكلفة عوامل منها : الجينات الوراثية لأنها توجد في أسر معينة ، وصدمات الطفولة مثل سوء المعاملة والإهمال ، أوموت أحد أعضاء الأسرة ، تظهر عليها بعد ذلك مؤشرات الإختلال فى الشخصية والسلوك في المراحل النمائية التالية ، وأساليب التربية الوالدية القائمة على التساهل وعدم وجود حدود ، والتدليل المبالغ فيه ، والفوضى وعدم الإتساق في المعاملة ، والآباء ذوى التقلبات المزاجية وغرابة الإنفعالات والمشاعر والسلوك ، كما أن سوء العلاقة بين الآباء والأبناء يؤدى إلى سوء تقدير الأبناء لذواتهم ومن ثم يسعون لتعويض ذلك
… والشخص المتصنع أكثر شخصية يجب أن نحذر منها ، لأنك تحسه في عالم موازي ، بيحب التمثيل ، وهو مؤذ لأنه يريد أن يعيش في إطار لايخصه
… وأنا بصفة شخصية أكره هذا المتصنع ، اللي يبقى بيكرهك وأمامك ( إنت حبيبي ) قمة النفاق ، شخصية قذرة والتعامل معاها مرهق نفسيٱ وعصبيٱ ، لذلك يجب تجنبه
… ولأن المتكلف المتصنع في المعامله مظهره يخالف حقيقته ، وشخصيته جوفاء ، ويدعي المصادقة بالظاهر ، ولهذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أقل الناس تكلفا ، لأنهم كانوا أصفى الناس قلوبا في الأمة ، فلايحتاجون تبادل الألقاب المتكلفة بينهم ولاتضخيم العبارات ، لافي العلم ولاالمعاملة بينهم ، وذلك لأن من تكلف معك في المعاملة فاعلم أنه يجتهد ألايظهر عندك بحقيقة مافي قلبه ، ولهذا قال الإمام الشافعي : إذا المرء لم يرعاك إلا تكلفا فدعه ولاتكثر عليه التأسفا
… وفى العلاقات الإنسانية نجد أن من علامات الأخوة ترك التكلف ، لأن من عاملك بسجيته فقد إطمأن لك وأمن جانبك وعلم أنه لن يجد منك إلا طيب العشرة وحب الخير له ، حتى ولو بدر منك خطأ فإنه يحمله بأحسن المحامل ويتخذ لك المعاذير ، فلاتحتاج مع مثل هذا أن تتصنع ، واعلم أن القلوب تتعامل مع القلوب ، فلاتجدي الظواهر الطيبة إذا خربت البواطن ، فسرعان ماينكشف المستور وتنتهك الستور
… ولأن الله خلق الإنسان وبفطرته يحتاج إلى التواجد في المجتمعات والتقرب من البشر المنتمين لذات العرق والعادات والثقافات ، والعمل على مشاركتهم أحزانه ومشاكله وهمومه وأحلامه وآماله ، وهذا من الفطرة في بني البشر على مر العصور ، وحتى يحقق القبول الإجتماعي بين مجموعته بداية من المجتمع والأصدقاء والأسرة ، ومن أشكال هذا التقبل هو إحترام أحقية الفرد في الشعور بالمحبة والإحترام ممن حوله
… وإذا حصل الفرد على مايكفيه من هذه المحبة والتقبل فإنه يُصبح فرد سوي نفسيا في المجتمع وخالي من العقد والمشاكل النفسية ، أما إذا لم يتحصل الفرد على هذا الشعور الهام فإنه يتحول إلى شخص مريض غير سوي نفسياً ويشكل خطر على نفسه وعلى المجتمع ومن حوله ، ويتحول إلى الشخصية المتصنعة المتكلفة المبالغة في كل تصرفاتها وإنفعالاتها
… وللأسف أكثر شخصية منتشرة ولها تواجد فى المجتمع هى الشخصية الحقيرة المتصنعة ذات الوجهين ، المتكبرة التي تتعامل بفوقية مع الناس ، لأنهم يتصنعون الرقة والحب والشهامة والإبتسامة وليس من طبعهم ، لايوجد أجمل من أننا نكون علي طبيعتنا
… والمتصنع يدعي عكس ماهو عليه ، ويحاول التستر على عيوبه بأفخم أنواع الملابس والإكسسورات
… ماأحسن أن يكون الشخص على طبيعته ، وماأحلاه على سليقته ، أماالمتصنع فهو شخصية مفتعلة ، تجيد التمثيل والترقيع ، ويحسن اللف والتضييع ، أشبه مايكون بمن إرتدى القناع ، ولبس الأزياء من كل الأنواع ، ليخفي الحقيقة بتكلفه ، ويزور الواقع بتزلفه ، ويلفق الشاهد بتملقه !
… وفى العلاقات نجد المتصنع للمشاعر ، يبدى الإهتمام ، ويسأل ، ويحكي بطريقة شيقة ، ويتغزل ، وأحيانا يهدي أغنية ، ليجعل مشاعر الحب عندك تتحرك ناحيته من كثرة إهتمامه بك ، ويجعلك تغامر وتتشجع لحبه والتعلق به ، بعد كل ذلك تجده فجأة وبدون أسباب تغير ، وقل كلامه ، وتكرر غيابه ، وانشغل عنك وماعنده وقت لك ، ذو حجج واهية ولاتنتهي ، ومع أول خلاف معك يضحى بك
… تحياتى …
… إلى لقاء فى الجزء الرابع ؛؛؛؛