
حرب بلا رصاص … أسرار صناعة الأزمات وتشويش العقول
بقلم د . هاني المصري
————–
في عالم السياسة والإعلام، لم تعد الحروب تدار فقط بالأسلحة والجيوش، بل تطورت لتشمل أدوات ناعمة وخبيثة في آن، من أبرزها فن صناعة الأزمات واختلاق المشاكل. ومصر، بحكم مكانتها الإقليمية وثقلها التاريخي، لم تسلم من هذا السلاح المعقد الذي يُستخدم بذكاء لإرباك الداخل وزعزعة الثقة في مؤسسات الدولة.
صناعة الأزمة : سلاح غير تقليدي
صناعة الأزمات تعني خلق حالة من الخوف أو التوتر الاجتماعي أو السياسي من خلال التهويل الإعلامي أو الإشاعة أو حتى التحريض المقنع، بهدف ضرب الاستقرار الداخلي دون الدخول في مواجهة مباشرة. تُختلق أزمات لا تستند بالضرورة إلى واقع حقيقي، لكنها تُصاغ بأسلوب يجعلها تبدو واقعية، بل ملحة، وتصبح حديث الناس ووسائل التواصل الاجتماعي.
كيف يُستخدم هذا السلاح ضد مصر؟
تشويه الإنجازات والتقليل من أثرها
كلما خطت مصر خطوة نحو التنمية أو حققت إنجازًا استراتيجيًا، تظهر حملات إعلامية مشبوهة تقلل من هذه النجاحات أو تروّج لفشلها، مما يزرع الشك في نفوس المواطنين.
ضرب الثقة بالمؤسسات
يُستخدم هذا السلاح للتشكيك في نزاهة القضاء، أو شفافية البرلمان، أو حيادية الجيش والشرطة، وهي مؤسسات تُعدّ عماد الدولة المصرية.
أزمات اقتصادية مفتعلة
رغم التحديات الحقيقية التي تعيشها مصر كغيرها من الدول، إلا أن هناك تضخيمًا ممنهجًا لمشاكل الغلاء، ونشر الشائعات حول الأمن الغذائي، وكأن الدولة على وشك الانهيار، بينما الواقع قد يكون أكثر تماسكًا مما يُروّج له.
إثارة الفتن الطائفية والاجتماعية
يتم في بعض الأحيان تسليط الضوء على حوادث فردية أو تضخيمها بشكل يهدد النسيج الوطني، وكأن هناك حربًا داخلية بين أطياف المجتمع المصري.
من يقف خلف هذه الاستراتيجية؟
هناك قوى إقليمية ودولية وإعلام معادٍ يعمل بتمويل خارجي، يتبنّى هذه الأجندة التخريبية. وغالبًا ما تتم إدارة هذه الحملات من خارج الحدود، لكنها تعتمد على وكلاء داخليين و”ناشطين” يعملون كأبواق تضخيم وصدى لتلك الأزمات المصطنعة.
الهدف : مصر مستقرة أقل تأثيرًا
الغاية النهائية من استخدام فن صناعة الأزمات ضد مصر هو إضعافها سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا، لتفقد دورها الإقليمي والعربي، وتصبح دولة منكمشة في مشاكلها الداخلية، بدل أن تكون فاعلة في محيطها.
وختاماً : كيف نواجه هذا السلاح ؟
رفع الوعي الشعبي، عبر الإعلام الوطني والتثقيف، لفهم أدوات الحرب النفسية والإعلامية.
تعزيز الشفافية في مؤسسات الدولة لتقليل فرص التشكيك.
تتبع مصادر الحملات الإعلامية المغرضة وفضحها للرأي العام.
إشراك المواطن في بناء الوطن، لأن المواطن الواعي هو الحصن الحقيقي في وجه الأزمات المصطنعة.
حرب بلا رصاص … أسرار صناعة الأزمات وتشويش العقول