أخبار ومقالات دينية

***(( حكاية صورة )))***

***(( حكاية صورة )))***

مرج البحرين يلتقيان

وليد حسين عمر

 

ذكر القرآن الكريم أيات بينات تتلى أناء الليل وأطراف النهار تحوى إعجاز علمى مذهل سابق لهذا الأوان منها أيات فى سورة الرحمن والتى سميت بعروس القرآن 

“مَرَجَ البَحرَينِ يَلتقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ”.. معجزة إلهية أذهلت الملحدين

وصل علماء البحار بعد تقدم العلوم في هذا العصر، إلى إكتشاف يدل على وجود حاجز بين البحرين، فوجدوا أن هناك برزخاً يفصل بين كل بحرين، ويتحرك بينهما، ويسميه علماء البحار “الجبهة” تشبيهاً له بالجبهة التى تفصل بين جيشين، وبوجود هذا البرزخ يحافظ كل بحر على الخصائص التي قدرها الله له ﴿ مَرَجَ البَحْرَينِ يَلتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ﴾ [الرحمن: ١٩-٢٠]. ويكون مناسباً لما فيه من كائنات حية تعيش في تلك البيئة.

وقد تدرج العلم البشرى لمعرفة حقائق إختلاف مياة البحار وما بينهما من حواجز، فقد إستقرت الدراسات الواسعة لخصائص البحار، والتى أعلنت فى عام ١٣٦١ه‍/١٩٤٢م عن إكتشاف حواجز مائية تفصل بين البحار الملتقية، وتحافظ على الخصائص المميزة لكل بحر من حيث الكثافة والملوحة، والأحياء المائية، والحرارة، وقابلية ذوبان الأكسجين فى الماء، وبعد عام ١٩٦٢م عُرف دور الحواجز البحرية فى تهذيب خصائص الكتل العابرة من بحر إلى بحر لمنع طغيان أحد البحرين على الآخر فيحدث الإختلاط بين البحار الملحة، مع محافظة كل بحر على خصائصة وحدوده المحدودة بوجود تلك الحواجز .

وأخيراً تمكن الإنسان من تصوير هذه الحواجز المتحركة المتعرجة بين البحار الملحة عن طريق تقنية خاصة بالتصوير الحرارى بواسطة الأقمار الصناعية، والتى تبين أن مياة البحار وإن بدت جسماً واحداً، إلا أن هناك فروقاً كبيرة بين الكتل المائية للبحار المختلفة، وتظهر بألوان مختلفة منعاً لاختلافها في درجة الحرارة. وفي دراسة ميدانية للمقارنة بين مياه خليج عمان والخليج العربى بالأرقام والحسابات والتحليل الكيميائى، تبين إختلاف كل منهما عن الآخر من الناحية الكيميائية والنباتات السائدة في كل منهما، ووجود البرزخ الحاجز بينهما، وقد تطلب الوصول إلى حقيقة وجود الحواجز بين الكتل البحرية وعملها في حفظ خصائص كل بحر قرابة مائة عام من البحث والدراسة، اشترك فيها المئات من الباحثين وتم إستخدم الكثير من الأجهزة ووسائل البحث العلمى الدقيقة.

 الحاجز بين بحرين في كتاب الله عزَّ وجل:

لا تختلط الكتل المائية الثلاثة (ماء النهر وماء البحر وماء المصب) في الملوحة والعذوبة، وقد شاهد الباحثون أن معظم الكائنات التي تعيش بالبحر أو النهر أو المصب لا تستطيع أن تعيش فى غير بيئتها وتموت إذا خرجت منها

– قال تعالى: ﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ* يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ﴾ [الرحمن: ١٩-٢٢].

– وقال تعالى: ﴿ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَءلَه مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [النمل: ٦١ ].

في كل من الآيتين رقم (١٩-٢٢) من سورة الرحمن، والآية رقم (٦١) من سورة النمل، تفسر لفظة (البحرين) التي جاءت مطلقة في الحالتين بالبحرين الملحين، وذلك للمبررات التالية:

أ – أن لفظة (البحر) في اللغة تطلق على كل من البحر المالح والبحر العذب “أي النهر”، ولكنها إذا أطلقت دون تقييد فإنها تدل على البحر المالح فقط، وإذا قيدت فإنها تدل ما قيدت به، وقد جاءت لفظة “البحرين في مطلقة في الحالتين المذكورتين”.

ب – أورد القرآن الكريم لفظة “البحر” بالإطلاق (٣٩) موضعاً، منها (٣٣) بالإفراد و(٣) بالتثنية و(٣) أخرى بصيغة الجمع، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الأَنْهَارَ ﴾ [ إبراهيم: ٣٢]. وفي المقابل نلاحظ أن القرآن الكريم أورد لفظة “البحر” بالتقييد المحدد مرتين فقط بصيغة التثنية: يقول فيها الله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا ﴾ [الفرقان : ٥٣]. والآية الكريمة تشير إلى ثلاثة أنواع من المياة :

– مياة الأنهار وهى شديدة العذوبة.

– مياة البحار وهى شديدة الملوحة.

– مياة فى منطقة المصب وهى مزيج من الملوحة والعذوبة،

    وهى منطقة فاصلة بين البحر والنهر.

ولاتختلط الكتل المائية الثلاثة (ماء النهر وماء البحر وماء المصب) فى الملوحة والعذوبة، وقد شاهد الباحثون الذين قاموا بتصنيف الكائنات الحية بأن معظم الكائنات التى تعيش فى البحر أو النهر أو المصب لا تستطيع أن تعيش فى غير بيئتها وتموت إذا خرجت منها. ومنطقة المصب منطقة محجوزة على معظم الكائنات الحية التى تعيش فى البحر أو النهر، لأن هذه الكائنات تموت إذا دخلتها بسبب إختلاف الضغط الأسموزى، وإذا كانت العين المجردة لا تستطيع أن ترى هذا الحاجز الذى يحفظ الله به منطقة المصب، فإن الأقمار الصناعية قد زودتنا بصورة باهرة تبين لنا حدود هذه الكتل المائية الثلاث، ولقد وصف القرآن الكريم منطقة اللقاء بين الكتل المائية الثلاثة بأدق وصف وأدل لفظ وأوجز عبارة تضمنت تحديد العلاقة بين الكتل المائية الثلاثة وكائناتها الحية التي تعيش فيها. وقال تعالى: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [فاطر: ١٢].  

هذا العلم الذى نزل به القرآن يتضمن وصفاً لأدق الأسرار فى زمن يستحيل على البشر فيه معرفتها ليدل على مصدره الإلهى، كما قال تعالى: ﴿قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ [ الفرقان : ٦ ].

ج ــ فى وصف لفظة “البحرين” المطلقة جاء في سورة الرحمن قول الحق تبارك وتعالى: ﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ﴾ [الرحمن : ١٩-٢٢].

 وكل من اللؤلؤ والمرجان لا يحيا إلا فى الماء المالح، وإن كانت بعض أصداف اللؤلؤ قد استزرعت صناعياً فى الماء العذاب، وعلى ذلك فإن جمع اللؤلؤ والمرجان معاً فى الآية رقم (٢٢) من سورة الرحمن يؤكد على أن المقصود بالبحرين هنا هما البحر الملح، والبحر الملح، وهو أمر أكبر إعجازاً من التقاء النهر العذب بالبحر المالح، على أهمية ذلك العظمى، وضرورته القصوى لإستقامة الحياة على سطح الأرض، وعلى مافيه من إعجاز فى الخلق يعجز البيان عن تصويره.

 د- الإشارة القرآنية الكريمة إلى تعظيم الفاصل بين البحرين العذب والملح بكل من البرزخ والحجر المحجور، وذلك لوجود الدلتا ومقدماتها وما حولها من حواجز ترسبية بالإضافة إلى الماء الوسطى بين العذب والملح “الماء المويلح أى قليل الملوحة” على حواف الماء العذب عند التقاء المائين ووجود الشحنات الكهربية المتشابهة والمتنافرة في أيونات الأملاح المذابة فى الماء وفى المقابل فإن الإشارة القرآنية إلى الفاصل بين البحرين ـ بغير تخصيص ـ بتعبير البرزخ فقط أو الحاجز فقط، وهو الحاجز بين الماء الوسطى بين مائين مختلفين فى صفاتهما الطبيعية والكيميائية، كالبحرين الملحين المختلفين أفقياً أو رأسياً وذلك لأن مثل هذا الحاجز يمنع تحرك الكائنات البحرية من كتلة مائية إلى كتلة مائية أخرى مجاورة إلا إذا تباينت الصفات بينهما تبايناً صارخاً، فهو لا يحجز الكائنات البحرية حجزاً كاملاً، كما أنه يصعب إدراكه على غير المتخصصين حتى فى زمن التقدم العلمى الذى نعيشه.

 هـ- ثبت أن التنوع بين كتل الماء المتجاورة أفقياً ورأسياً بين البحار المتجاورة، وفى داخل البحر الواحد من البحار العميقة والمحيطات ضرورة من ضرورات التنوع البيئى فى البحار الذى لولاه لتقلصت الحياة البحرية تقلصاً شديداً.

 

وكما ذكرنا سابقا إن هذا العلم الذى نزل به القرآن يتضمن وصفاً لأدق الأسرار فى زمن يستحيل فيه على أحد من البشر معرفتها ليدل على مصدره الإلهى، كما قال تعالى: ﴿قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ [الفرقان : ٦]. وهى رسالة جديدة للملحدين مفادها أنَّ الضبط الدقيق والإتقان في خلق الكون والأرض هو دليل وجود متقن لذلك وهو الله الخالق البارع رب هذا الكون ﴿ الَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَئ خَلَقَهُ ﴾[السجدة: ٧ ]، كما تدل على أن الذى أنزل عليه الكتاب رسول يوحى إليه وصدق الله القائل: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفاق وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ 

[فصلت : ٥٣ ].

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى ال سيدنا محمد كما صليت على سيدنا ابراهيم وعلى أل سيدنا إبراهيم 

وبارك اللهم على سيدنا محمد وعلى أل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى أل سيدنا إبراهيم 

إنك حميدا مجيد

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار