حماية الحسابات البنكية من الجرائم الإلكترونية: قراءة في نصوص قانونية وآليات الحماية
حماية الحسابات البنكية من الجرائم الإلكترونية: قراءة في نصوص قانونية وآليات الحماية
بقلم: عمرو الريدي – المحامي
في ظل التقدم السريع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أصبح الأمن السيبراني جزءًا أساسيًا من حياة الأفراد والمؤسسات على حد سواء. ومن بين أبرز المخاطر التي تهدد الأمان الإلكتروني، تبرز الجرائم الإلكترونية المتعلقة بالحسابات البنكية، والتي تشمل الاحتيال والقرصنة الإلكترونية وسرقة البيانات المصرفية. وفي هذا السياق، نعرض في هذا المقال كيف يواجه المشرع المصري هذه الجرائم من خلال التشريعات الحديثة، مع التركيز على نصوص المواد المتعلقة بحماية الحسابات البنكية في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، بالإضافة إلى الأحكام التي تضمنها قانون البنك المركزي رقم 194 لسنة 2020.
1. قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات (175 لسنة 2018)
من أجل مواجهة الجرائم الإلكترونية، التي تتزايد بشكل ملحوظ، وضع المشرع المصري إطارًا قانونيًا شاملًا يحمي الأفراد والمؤسسات من هذه الأنواع من الجرائم. ومن أبرز مواد هذا القانون، المادة 23 التي تجرم استخدام وسائل التقنية للوصول غير المشروع إلى بيانات البطاقات البنكية وأدوات الدفع الإلكترونية.
• المادة 23: تنص على أن “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 30 ألف جنيه ولا تجاوز 50 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات في الوصول بدون وجه حق إلى أرقام أو بيانات أو بطاقات البنوك والخدمات أو غيرها من أدوات الدفع الإلكترونية”. وهذه المادة تعتبر بمثابة ردع قوي ضد محاولات الوصول غير المصرح به إلى حسابات عملاء البنوك أو سرقة معلوماتهم الشخصية.
وتزداد العقوبات في حالة إذا ما كان المتهم قد استولى على المال أو الخدمات من خلال هذه البيانات، حيث يعاقب بالحبس لمدة لا تقل عن سنة، وغرامة مالية تتراوح بين 100 ألف إلى 200 ألف جنيه.
• المادة 28: تنص على أن “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 20 ألف ولا تجاوز 200 ألف أو إحدى هاتين العقوبتين، كل مسئول عن إدارة موقع أو حساب خاص أو بريد إلكتروني أو نظام معلوماتي، إذا أخفى أو عبث بالأدلة الرقمية لإحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون”.
هذه المواد تضمن للمشرع أداة قانونية فعالة لمكافحة الاحتيال الإلكتروني، خاصة في حال استخدام التقنيات الحديثة لسرقة البيانات أو اختراق الأنظمة البنكية.
2. قانون البنك المركزي (194 لسنة 2020)
لم يقتصر المشرع المصري على قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات فقط، بل وضع أيضًا إطارًا لحماية الحسابات البنكية من خلال قانون البنك المركزي رقم 194 لسنة 2020. إذ نص هذا القانون على عدة ضوابط تهدف إلى تعزيز الشفافية وحماية بيانات العملاء، مع ضمان حقوقهم في حال حدوث أي خرق أو احتيال.
• المادة 217: تتضمن هذه المادة 7 التزامات على البنوك لضمان حماية بيانات العملاء، وهي تشمل الشفافية في الإفصاح عن البيانات والخدمات، وعدم التمييز في التعامل مع العملاء، وضمان توفير آلية سريعة ومجانية للتعامل مع شكاوى العملاء. كما تلتزم البنوك بتوفير نظم آمنة لضمان سلامة بيانات وحسابات العملاء، مما يعزز الثقة في النظام المصرفي.
• المادة 140: تنص على أن “جميع بيانات العملاء وحساباتهم وودائعهم وأماناتهم وخزائنهم في البنوك وكذلك المعاملات المتعلقة بها سرية، ولا يجوز الاطلاع عليها أو إعطاء بيانات عنها بطريق مباشر أو غير مباشر إلا بإذن كتابي من صاحب الحساب أو من أحد ورثته أو نائبه القانوني، أو بناء على حكم قضائي”.
هذه المادة تضع أطرًا صارمة لحماية المعلومات الشخصية للعملاء، ولا تسمح بالإفصاح عنها إلا في حالات محددة، مما يضمن سرية الحسابات والمعاملات.
3. التحديات والفرص
على الرغم من هذه التشريعات، تبقى الجرائم الإلكترونية مصدر قلق للمواطنين والبنوك على حد سواء، خاصة مع تزايد أساليب الاحتيال واستخدام التكنولوجيا في ارتكاب هذه الجرائم. فالبنوك ملزمة بتوفير تدابير أمنية قوية لحماية حسابات عملائها، مثل التحقق الثنائي للمستخدم وتشفير البيانات، بينما يجب على العملاء أن يكونوا أكثر وعيًا بالمخاطر الأمنية وأن يتبعوا إجراءات الحماية المناسبة.
4. نصائح للمواطنين
للوقاية من الجرائم الإلكترونية، يجب على الأفراد اتباع بعض الإرشادات الأساسية:
• عدم الاستجابة للرسائل أو المكالمات التي تطلب معلومات بنكية أو شخصية.
• التأكد من هوية الأشخاص أو الجهات التي يتعاملون معها، خاصة في المعاملات الإلكترونية.
• تجنب نشر البيانات الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي.
• استخدام كلمات مرور قوية وتغييرها بشكل دوري.
5. الخلاصة
يمثل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وقانون البنك المركزي حصنًا قويًا لحماية حسابات العملاء وبياناتهم الشخصية من الجرائم الإلكترونية. ولكن تبقى المسؤولية الكبرى على الأفراد في الحفاظ على أمان حساباتهم، من خلال اتخاذ الإجراءات الاحترازية والالتزام بالنصائح الأمنية لتجنب الوقوع ضحايا لهذه الجرائم المتزايدة.