حياة الحرافيش بين الفتوة والعدالة: نظرة شرعية واجتماعية
حياة الحرافيش بين الفتوة والعدالة: نظرة شرعية واجتماعية
محمود سعيدبرغش
في حياة المجتمعات، يتكرر مشهد التعدي والظلم تحت ستار القوة والفتوة، حيث يظن البعض أن القوة هي الوسيلة لتحقيق المصالح. لكن حين تنقلب الأحوال ويذوق هؤلاء مرارة الظلم والضيق، يشتكون من واقعهم ويصفونه بحياة “الحرافيش”. فهل يمكن لمن زرع الظلم أن يحصد الراحة؟
الفتوة بين القوة والظلم
الفتوة في أصلها تحمل معاني الشهامة والنخوة، لكنها تنحرف عندما تتحول إلى تسلط وظلم. قال الله تعالى:
“وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ” (القصص: 77).
والظلم عاقبته وخيمة في الدنيا والآخرة، فقد قال النبي ﷺ:
“إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته” (رواه البخاري).
حياة الحرافيش: نتيجة طبيعية للظلم
حياة الحرافيش، بما تمثله من معاناة وضعف، ليست إلا انعكاسًا للظلم الاجتماعي. قال الله تعالى:
“ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ” (الروم: 41).
فعندما ينتشر الظلم، يُفقَد الأمن وتضعف الروابط الاجتماعية، مما يؤدي إلى الفقر والذل.
وقد نبّه الإسلام إلى أن الظلم لا يصيب الظالم وحده، بل يمتد أثره إلى المجتمع بأسره. قال تعالى:
“وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً” (الأنفال: 25).
دور العدل في إصلاح المجتمعات
العدل هو الأساس الذي يبني المجتمعات ويضمن استقرارها. قال الله تعالى:
“إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ” (النحل: 90).
وحث النبي ﷺ على الإحسان حتى مع من يسيء، فقال:
“ما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا” (رواه مسلم).
لذا، فإن العودة إلى قيم العدل والإحسان، ومساعدة الضعفاء بدلًا من التسلط عليهم، هي السبيل للخروج من دائرة الظلم والبؤس.
خطوات عملية للإصلاح
1. التوبة من الظلم:
قال الله تعالى:
“إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ” (الفرقان: 70).
2. نشر ثقافة التعاون:
الإسلام دعا إلى التعاون في الخير، فقال تعالى:
“وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ” (المائدة: 2).
3. إحياء قيم الرحمة:
قال النبي ﷺ:
“الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء” (رواه الترمذي).
الخاتمة:
إن حياة الحرافيش ليست قدَرًا محتومًا، لكنها نتيجة طبيعية لتفشي الظلم وتراجع قيم العدل. إذا أردنا بناء مجتمع قوي، فعلينا أن نغرس قيم العدل والرحمة في قلوبنا وأعمالنا، فبذلك تتحقق السعادة في الدنيا والآخرة.