حين تتكلم الأيام بلغة لا يسمعها إلا الواقف وحده
بقلم/نشأت البسيوني
حين تتكلم الايام بلغة لا يسمعها الا الواقف وحده بنفهم ان العمر طول الوقت كان بيدينا اشارات واحنا اللي ماكناش سامعين وان الطرق اللي مشيناها واحنا مغمضين كانت بتاخد من روحنا اكتر ما بتديها وان الناس اللي فتحنا لهم ابواب قلوبنا كانوا بيعدوا جوه من غير ما يحسوا ان المكان ده له حرمة وله قيمة وله وجع وله تاريخ ومع مرور اللحظات نفهم ان في كلمات اتقالت كانت طعنات وفي
صمت كان راحة وفي ابتسامات كانت اقنعة وفي انسحاب كان نجاة وان مش كل غياب خسارة ومش كل حضور مكسب وان اللي بنفقده ساعات بيكون ستر واللي بنتمسك بيه يكون هو اللي بيكسرنا وفي لحظة معينة نكتشف ان مافيش حد هيحس بوجعنا زينا وان القوة مش اننا مانقعش القوة اننا نقع ونقوم ونكمل وكأن اللي وجعنا ده مش قادر يكسرنا وان الضهر اللي اتنى من الثقل
بيقف تاني لما نقرر نوقف مش لما حد يسندنا لان السند الحقيقي هو اللي جوانا مش اللي حوالينا ومع كل درس فاته نفهم ان الطيبة مش ضعف وان الصبر مش غباء وان التسامح مش دعوة للوجع يرجع تاني وان الرحيل ساعات بيكون حماية من شر ماكانش باين غير لربنا وبنبدأ نفهم ان مش كل اللي ضحكوا لينا كانوا فرحانين بينا وان مش كل اللي مشيو من حياتنا كانوا مناسبين لينا وان في
ناس الواجب يبعدنا عنهم اكتر مما يقربنا ليهم لان قربهم سم ووجودهم صداع ونواياهم ظلمة وان القلب مش ناقص تجارب تاني تكسره اكتر ما هو مكسور وبعد ما الروح تتعلم الدرس اللي كان غالي بنبص للوقت بعين جديدة ونفهم ان الراحة ثمنها غالي وان السلام محتاج حدود وان العمر مش حمل يتشال لوحده وان الضربات اللي استحملناها كانت بتبني جوانا جلد مختلف اقوى
واعقل واوعى ومع كل خطوة جديدة نتعلم نمشي من غير خوف ونحب نفسنا من غير تردد ونبعد من غير ما نبص ورا ونقفل الابواب اللي ما جابتش غير الوجع ونسيب الحكايات اللي ما كانتش لينا من اول صفحة ونختار ناس شبهنا ناس قلوبها صافية ونيتها واضحة وضحكتها مش مقلوبة ووجودها مش تقيل وفي آخر المشهد نكتشف ان الايام كانت بتعلمنا من زمان وان اللي كسرنا
قوانا واللي مشي ريحنا واللي وجعنا خلانا نفهم نفسنا وان الطرق اللي ضيعنا فيها وقت كانت هي اللي وصلت بنا للطريق اللي يليق بينا وان اللي اتاخد مننا ماكانش خير لينا وان اللي جاي اجمل واهدأ وانقى واننا بعد كل ده بقينا قادرين نميز بين من يستحق قلوبنا ومن يستحق وقتنا ومن يستحق حضورنا الحقيقي وان القوة الحقيقية مش في ما عندنا من ناس حوالينا لكن في ما
اكتسبناه من وعي وصبر وفهم واننا دلوقتي قادرين نعيش من غير خوف ومن غير تعلق بما لا ينفعنا ومن غير انتظار ممن لا يستحق ومن غير وجع إضافي لاننا تعلمنا إن الحياة أهدأ وأصفى لمن يعرف أن يحمي قلبه ويختار طريقه بحكمة ومع كل لحظة بنتعلم قيمة كل نفس وكل خطوة وكل قرار وكل وداع وكل لقاء وكل لحظة صمت وكل لحظة ضحك وكل وجع وكل فرحة وكل درس وكل
انتصار وكل خسارة وكل حب وكل رحيل وكل جديد وكل أمل وكل حلم وكل ما يجعلنا أقوى وأعمق وأهدأ وأكمل في طريقنا دون النظر لورا إلا بعين التعلم والفهم والشكر والامتنان للحياة التي كانت وما زالت أكبر معلم
