الرئيسيةشعرحين يبكي الضوء على أطلال القلب
شعر

حين يبكي الضوء على أطلال القلب

حين يبكي الضوء على أطلال القلب

حين يبكي الضوء على أطلال القلب

 

بقلم/نشأت البسيوني 

 

ليس كل بكاء ماء من عين فبعضه نور يخرج من قلب أُرهق من الصبر وأراد أن يبوح دون أن ينكسر

حين يبكي الضوء على أطلال القلب

تبدو الأشياء باهتة كما لو أن الحزن غطاها بغبار من الغروب

ويصبح النور خافتا لا لضعفه بل لحزنه عليك

فالقلب الذي أحب بصدق ثم انكسر لا يطفئه الفقد

بل يضيئه الوجع على مهل كما الشموع التي تحترق لتنير طريق غيرها

في تلك اللحظة لا تبكي العيون وحدها

بل تبكي الأماكن التي شهدت الفرح

تبكي الذكريات التي كانت تشبه الأغاني

ثم صارت مثل صدى بعيد لا يجيب أحدا

يبكي الضوء حين يرى قلبك يحاول أن يتماسك

حين يراك تخفي انكسارك بابتسامة مهزوزة

وحين يدرك أن أقسى أنواع الألم هو ذاك الذي لا يرى

حين يبكي الضوء على أطلال القلب

تتجمد اللحظات في منتصف الذاكرة

كأن الزمن توقف احتراما لحزنك

كأن الله نفسه أراد أن يمسك بيدك دون أن يتكلم

تشعر أن كل ما حولك صامت لكنه يفهمك

أن الأشياء تواسيك بطريقتها

النسمة تربت على كتفك والقمر يغمض عينيه احتراما لدمعتك

ذلك الضوء لا يبكي على خسارة عابرة

بل على قلوب لم تقدر

وعلى صدق قوبل بالخداع

وعلى أرواح كانت تحب النقاء فكسرتها الخيانة

يبكي الضوء لأن العالم لم يعد نقيا كما ظن

ولأنك أنت رغم نقائك كنت دائما تدفع ثمن طيبتك

حين يبكي الضوء على أطلال القلب

تدرك أن بعض الوجع لا يشفى بالوقت

بل يشفى بالتقبل

حين تقر في داخلك أن ما رحل لم يكن لك

وأنك لا تملك إلا أن تبتسم رغم الفقد

لأن البكاء لن يعيد شيئا

لكن الرضا سيعيدك أنت إلى نفسك

يبكي الضوء

ثم يمسح دمعه بشعاع جديد من الصبر

يهمس لك انهض فما زال فيك ما يستحق الحياة

فتنفض عن قلبك الغبار

تعيد ترتيب حكاياتك القديمة كمن يرمم بيتا تهدم

وتتعلم أن تترك الأبواب مفتوحة للحياة

فربما يأتي منها فرح لم تحسب له حسابا

حين يبكي الضوء على أطلال القلب

تتغير نظرتك لكل شيء

تصبح الخسارة درسا

والحزن طريقا

والدمعة صلاة لا تقال باللسان

وتفهم أن الله لا يبتليك ليؤلمك

بل لينقيك

ليجعلك ترى النور في أكثر الأماكن ظلمة

وفي النهاية

حين يتوقف الضوء عن البكاء

تجد أنك أنت أصبحت الضوء ذاته

صرت تبتسم رغم الجرح

وتحب رغم الخذلان

وتعفو رغم أنك كنت الأحق بالاعتذار

تدرك أن النور لا يولد من الفرح

بل من قلب بكى كثيرا ثم قرر أن يضيء رغم كل شيء

فلا تخف يا صديقي من بكاء الضوء فيك

ولا من أطلال قلبك التي هجرتها الأيام

فما دام فيك نور يبكي

فأنت ما زلت حيا

وما زال الله يراك جديرا بأن ينير لك الطريق من جديد

حين يبكي الضوء على أطلال القلب

حين يبكي الضوء على أطلال القلب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *