« حين يتحدث التواضع… يصمت الغرور إجلالًا ويولد النجاح »
بقلم / الكاتب أحمد فارس
التواضع أعظم صفات النبل الأخلاقي للإنسان، فهو البوابة التي يعبر منها نحو النجاح الدائم والمجد الصادق. إن المتواضع يواصل العطاء دون أن يفسده الغرور، ويستمر في التعلّم دون أن يتوقف عند قمةٍ يظنها النهاية. فالنجاح الحقيقي لا يُقاس بالمال أو الشهرة، بل بما نتركه من أثرٍ طيّبٍ في حياة الآخرين.
التواضع ليس ضعفًا ولا خضوعًا، بل وعيٌ عميق بالنفس وبالآخرين. هو أن تدرك أنك مهما بلغت من علمٍ أو جاهٍ أو ثراء، فهناك دائمًا من هو أعلم وأقوى وأفضل منك، وأن الفضل في كل نجاحٍ هو لله وحده. المتواضع لا يرى نفسه مركز الكون، بل جزءًا من منظومةٍ أكبر يتعلّم منها ويخدمها، فينمو بتفاعله مع الناس لا بتعاليه عليهم.
إن التواضع يبرز قوة الشخصية، لأنه لا يصدر إلا عن إنسانٍ واثقٍ من نفسه، يدرك أن رفع الآخرين لا يُنقص من قدره، بل يضاعف مكانته في قلوبهم. أما المتكبر، فيعيش في عزلةٍ نفسية خانقة، يظنّ أنه الأفضل فيغلق على نفسه باب التعلم والتطور. كم من عالمٍ أو فنانٍ سقطت مكانته بسبب الغرور، وكم من إنسانٍ بسيطٍ رفعه الله بين الخلق بتواضعه وصفاء قلبه.
ولنا في التاريخ أمثلة عظيمة خالدة:
رسولنا الكريم محمد ﷺ، الذي شهد الله له بقوله: «وإنك لعلى خلقٍ عظيم»، كان أكثر الناس تواضعًا وخلقًا، يجلس بين أصحابه كأحدهم، يخدم أهله، ويبتسم للناس جميعًا. وكذلك العالم الكبير ألبرت آينشتاين، مؤسس النظرية النسبية، وأحد أعظم العقول في التاريخ، الذي قال: «كلما ازددت علمًا، ازددت إدراكًا بمدى جهلي». تلك الجملة وحدها كانت درسًا خالدًا في التواضع جعل منه رمزًا للعقل المتزن والروح المتسامية.
رسالتي إلى كل فئات المجتمع — من العلماء إلى البسطاء، من القادة إلى الطلبة — أن التواضع هو الذي يجعل النجاح إنسانيًا، والمجد أخلاقيًا، والعظمة حقيقية لا زائفة. التواضع ليس أن تنظر إلى نفسك أقل من الآخرين، بل أن تراهم كبارًا، وتمنحهم التقدير الذي يستحقونه .ومن هنايعلوشأنك أمام الجميع .
إذا أردنا أن نحيا في مجتمعات راقية يسودها الاحترام والتعاون، فعلينا أن نزرع التواضع في بيوتنا ومدارسنا ومؤسساتنا. فالتواضع هو لغة العظماء، ومنبع القيم، وجسر العبور نحو مستقبلٍ أكثر إشراقًا وعدلًا.
ختامآ أ زرعوا التواضع في قلوبكم، لأن به تُبنى الأمم، وتُصان الكرامة، ويُكتب النجاح للفرد والمجتمع معًا … اليوم، وغدًا، وإلى الأبد.