حين يتغير كل شيء
بقلم/نشأت البسيوني
حين يتغير كل شيء وفي لحظة معينة من العمر بنكتشف إن الدنيا مش هي اللي كنا فاكرينها وإن الناس مش دايما زي ما بتبان وإن الطريق اللي كنا ماشيين فيه بثقة ممكن فجأة ينقلب ويتحول لسكة تانية تماما سكة ما حلمناش نمشي فيها ولا جه فبالنا إننا هنعدي عليها ومع ذلك بنمشي وندوس على خوفنا ونكمل ونتعلم ونعيد ترتيب نفسنا كأننا بنبني روحنا من جديد أوقات كتير بنحس
إن الحياة بتاخد مننا أكتر ما بتدي وإن الفرحة بتمشي أسرع من اللحظة وإن الوجع بيطول أكتر من اللي نستحمله لكن الحقيقة اللي بنكتشفها بعد ما نكبر ونتعرك مع الدنيا إن كل حاجة بتاخدها الحياة بتسيب مكانها درس درس يمكن يوجع لكن عمره ما بيضيع لأن اللي الإنسان بيتعلمه وهو موجوع بيكون أثبت جوه قلبه من اللي بيتعلمه وهو مرتاح وبنلاقي نفسنا بنتغير من غير ما ناخد بالنا بنكبر
في التفكير قبل ما نكبر في العمر وبتقسى جوانا حاجات كنا زمان بنستغرب إزاي حد يقدر يقسى بيها وبيحن جوانا حاجات تانية كنا فاكرين إن الزمن نجح إنه يموتها وبنرقى فجأة رغم إننا متعودين نقول إننا اتغيرنا وبقينا أقوى وبنكتشف إن القوة مش إننا ما نوقعش القوة الحقيقية إنك تقوم كل مرة تقع فيها حتى لو القيام أصعب من الوقوع وإنك تمسح دمعتك بإيدك لأن مافيش حد هيمد
إيده لك طول الوقت وإنك تتعلم تقف لوحدك حتى لو قلبك بيترجى أي سند ولما نبص حوالينا هنفهم إن رغم كل التغيرات ورغم القسوة اللي بنشوفها ولسه جوانا حتة صغيرة قوي هي اللي بتفوقنا كل يوم وتقول لنا إن بكرة ممكن يكون أحسن وإن اللي راح مش نهاية وإن اللي ضاع ممكن يتعوض وإن اللي اتكسر ممكن يتلم من جديد وإن ربنا أحن من كل اللي اتغير حوالينا وإن الأمل مهما
اتخنق بيرجع يتنفس تاني لما القلب يفتكر إن اللي جاي مش لازم يكون نسخة من اللي فات الجزء الصغير ده هو اللي بيخلينا نكمل الطريق مهما طال ومهما اتعوج ومهما تعبنا ومهما اتكسرت خطواتنا لأنه ببساطة الجزء اللي بيفكرنا إن لسه جوانا حياة لسه جوانا قدرة نبدأ من جديد حتى لو البداية جاية من نص الحكاية ومع مرور الأيام بنفهم إن الحياة مش سباق ضد حد ولا معركة لازم تكسبها
ولا ساحة تثبت فيها قوتك الحياة أصعب من كده وأبسط من كده في نفس الوقت هي معركة هادية مع نفسك مع نقاط ضعفك اللي بتظهر وقت ما انت مش مستعد مع خوفك اللي بيجيلك وانت واقف لوحدك ومع قلقك اللي بيصحى قبل ما دماغك تصحى ومع شكك اللي يفكرّك إنك مش قادر تكمل ومع قلبك اللي ساعات يوجعك وساعات يهون عليك وساعات يكون هو السبب إنك تقوم
من تاني من غير ما تحس وكل خطوة بتخطوها حتى لو صغيرة بتقربك من نفسك أكتر ومن نسختك اللي بتتمناها ومن الصورة اللي جواك رغم إنك ساعات ما تعرفش توصل لها لكنك ما زلت بتحاول
وبنلاقي إن اللي افتكرناه نهاية كان بداية واللي افتكرناه خسارة كان نجاة واللي افتكرناه وجع كان إصلاح واللي قولنا عليه ضياع كان تمهيد لطريق ماكناش هنوصله لو كل حاجة فضلت مستقرة
وإن الحياة مش دايما ضدنا زي ما بنفتكر لكنها بتغيرنا علشان نكون شكل تاني أقوى أقرب للي المفروض نكونه وإن اللي اتكسر جوانا كان لازم يتكسر علشان يبني مكانه حتة أصلب وإن اللي اتأخر كان لازم يتأخر علشان يجيلنا في وقته المظبوط واللي مشي من حياتنا كان لازم يمشي علشان نعرف نكمل من غير ما نبص ورا وبنكتشف إن كل تغير في حياتنا حتى اللي وجعنا وأتعب روحنا هو اللي
بيخلي جوانا صلابة صعب حد يهزها وإن كل خطوة ضيعنا فيها نفسنا كانت خطوة بتقربنا من حقيقتنا وإن كل باب اتقفل قدامنا كان باب بيوجهنا لباب تاني أحسن وإن كل مرة اتعثرنا فيها كانت بتقول لنا إن الطريق لسه طويل لكنه لسه قادر يستقبلنا ولو إن الحياة قاسية فهي في نفس الوقت أمينة لأنها ما بتخليش الوجع يفضل للأبد ولا بتسمح للألم يبقى هو النهاية دايما بتسيب فتحة
نور مهما كان الظلام تقيل وفي النهاية بنفهم إننا ما بنعيشش علشان نكسب معركة ولا علشان نثبت لحد إننا أقوى ولا علشان نقول إننا ما وقعناش بنعيش علشان نتعلم نكون نفسنا ونتصالح مع اللي جوانا ونفهم إن التغير مش دايما ضدنا وإن اللي بيتغير حوالينا لازم يتغير جوانا زيه وإن الرحلة مش مهمة بس علشان نهايتها لكن لأنها رحلتنا إحنا اللي شكلتنا زي ما احنا شكلناها وإن كل اللي عدينا بيه من أول خطوة لحد آخر تنهيدة في الطريق كان جزء من الحكاية اللي ماحدش هيعرف يكتبها غيرنا ولا حد هيعيشها بدالنا
حين يتغير كل شيء
