الرئيسيةغير مصنفحين يثقل العالم على كتفي إنسان واحد
غير مصنف

حين يثقل العالم على كتفي إنسان واحد

حين يثقل العالم على كتفي إنسان واحد

بقلم/نشأت البسيوني

 

حين يثقل العالم على كتفي إنسان واحد ويحس إن الحمل اللي شايله أكبر من قدرته وأوسع من صدره وأعمق من طاقته ، ويشعر إن الخطوة بقت مجهود وإن النفس بقى معركة وإن اليوم بقى عبء وإن الليل بقى زي النهار ولا راحة فيهم ولا هدوء ويصحى وهو تعبان وينام وهو مرهق ويعيش وهو مش قادر يفهم هو ليه بيقاوم وليه لسه مكمل وليه شايل اللي جواه من غير ما يصرخ ومن غير ما

 

يكسر ومن غير ما يسيب كل حاجة ويمشي ويفكر كتير إزاي يوصل للحظة اللي يحس فيها إنه خفيف إنه مرتاح إنه مش محتاج يمثل إنه بخير وهو مش بخير، وإزاي قلبه اللي كان واسع بقى ضيق وإزاي روحه اللي كانت مليانة أمل بقت ساكتة ،وراكنة كل حاجة على جنب كأنها بتطلب مهله ترتاح فيها من التعب اللي ما بيخلصش ويحس إن الكلام اللي جواه كبير بس ما يطلعش وإن الوجع اللي جواه بيزيد بس ما يقلش وإن الصبر اللي كان بيتسند عليه بقى هش ومتهالك وإن الناس حواليه ما بقيتش قريبة زى زمان وبقى يسمعهم من بعيد كأنهم عايشين في عالم هو مش جزء منه وبقى وجودهم مجرد صور بتتحرك وأصوات بتهز الهوا اللي حواليه من غير ما تلمس قلبه ولا تاخد منه حاجة ويحس إن كل حاجة كانت بتهون بقت بتوجع وإن كل حاجة كان بيتعلق بيها بقت بتفلت من إيده مرة بعد مرة لحد ما بقى خايف يتعلق بأي شيء من كتر ما فقد وودع وكسَر واتكسَر ويحس إن روحه بتتعب من مجرد التفكير وإن عقله بقى زي مكان مهجور صوته صدى وذكرياته غبار وسكوته صراخ داخلي محدش سامعه غيره وساعات يحس إن مفيش حاجة بتسنده غير إنه لسة ما وقعش وإنه رغم التعب لسة ما استسلمش وإنه رغم الوحدة لسة ما فقدش أمله بالكامل ،

حتى لو الآه لمباته جوه النفس بقت ضعيفة ومهزوزة،

بس وجودها يدل إن لسة فيه جزء صغير منه بيقاوم بيقول يمكن بكرة  يكون أرحم ،

يمكن الطريق يلين، يمكن القلب يرتاح، يمكن الروح تلاقي سبب بسيط يخليها تكمل ويظل الإنسان ماشي شايل تعبه جوه صدره زي سر كبير محدش يعرفه ولا حد يحس بيه، ولا حد يقدر يفهمه ويفضل يحارب كل يوم حرب ساكتة من غير صوت ومن غير سلاح،

ومن غير ما حد ياخد باله إنه بيحارب أصلًا ويكتم خوفه جواه ويحط ابتسامة خفيفة على وشه كأنها قناع بيخبي اللي محدش يعرفه اللي بينزف جواه ببطء اللي بيتآكل منه يوم بعد يوم ولما الليل ييجي ويتسند على السرير يحس إن العالم كله واقع فوقه مرة واحدة وإن روحه بتحاول تقاوم الإنطفاء وإن قلبه بيحاول يتنفس وإن جسمه مرهق لدرجة  إنه مش عارف يرتاح ويحس إنه محتاج حضن ومحتاج كلمة ومحتاج حد يفهمه من غير ما يشرح ،

وحد يشوفه من غير ما يطلب وحد يمسك إيده من غير ما ينتظر منه حاجة ويحس إنه محتاج نفس طويل يشيله بس للحظة واحدة من تعب الأيام ،

وبرغم كل ده يلاقي نفسه بيكمل لأن جواه حاجة صغيرة جدًا مالهاش صوت ولا شكل بس ليها أثر كبير ، حاجة بتسنده من غير ما يعرف هي إيه حاجة بتقوله : كمل حتى لو الطريق مظلم،

كمل حتى لو الوجع تقيل كمل حتى لو مش شايف حاجة قدامك وكأن الإنسان بطبيعته مخلوق عشان يقوم بعد كل مرة يقع فيها ويجمع نفسه بعد كل مرة يتكسر فيها ويحاول بعد كل مرة يتعب فيها لأن السقوط نهايته معروفة ،

لكن القيام نهايته مجهولة ،ويمكن الجهل بالنهاية هو اللي بيخلي الإنسان يكمل ويمكن لأن فيه جزء جواه لسة بيصدق إن بكرة أحسن ،حتى لو مش شايف طريق .

 

لبكرا ولا شايف ملامحه ولا قادر يتخيله وفي لحظات يشعر انه محتاج الصمت كملاذه الوحيد انه محتاج يخرج اللي جواه من غير صوت من غير شرح من غير انتظار من غير تقييم وان الصمت نفسه يتحول الى لغة روحيه تقوله اكمل وانت قادر وان وجوده في هذا العالم رغم كل التعب والوجع والخيبه دليل على قوته وان ما زال قادر على المشي رغم كل العوائق وان خطواته رغم بطءها

 

وثقلها هي دليل انه لم يستسلم وان الحياة مهما كانت ظالمه فان الانسان قادر على التكيف قادر على الصمود قادر على الاحتفاظ ببعضه حتى لو بدا انه فقد كل شيء وان كل تعب وكل سقوط وكل وجع وكل دموع كانت تدريبات لصبره وقوته وتحمله وان الاستمرار رغم كل شيء هو الانتصار الحقيقي وان النفس مهما انكسرت ستجد دائما طريقها لتنهض من جديد وتجمع ما تبقى من شظاياها

 

وتعيد بناء نفسها على نحو اكثر عمقا وصدق وان كل يوم يعيشه هو شهادة على قدرته على العيش رغم كل ما مر به رغم كل الصدمات رغم كل الوحدة رغم كل الخيبات رغم كل الاشخاص الذين خذلوه ورغم كل الاحزان التي مر بها وان نهاية هذا المقال هي ان الانسان مهما ثقل العالم على كتفيه فهو لا يزال قادر على المشي لا يزال قادر على النهوض لا يزال قادر على الاحتفاظ بجزء من نفسه لم ينكسر بعد ولا يزال قادر على الاستمرار على الرغم من كل شيء.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *