الرئيسيةشعرحين يخذلنا من ظنناهم الأمان
شعر

حين يخذلنا من ظنناهم الأمان

حين يخذلنا من ظنناهم الأمان

حين يخذلنا من ظنناهم الأمان

بقلم/نشأت البسيوني

ليس الوجع في الخذلان ذاته بل في أن يأتيك ممن كنت تظنه الملاذ الأخير
أن تنكسر على يد من كنت تراهم السند وتكتشف متأخرا أن الأمان الذي احتميت به
كان مجرد سراب لطيف يشبه الماء لكنه لا يروي
حين يخذلنا من ظنناهم الأمان
يتبدل فينا شيء لا يرى
شيء في القلب ينكسر بصمت يصلح
وشيء في الروح يفقد قدرته على الوثوق مجددا
نضحك كما كنا ونتحدث كما لو أن شيئا لم يكن
لكن بداخلنا مقبرة صغيرة لخيبات لا يزورها أحد
يحدث أن نمنح أرواحنا طواعية
أن نسكنهم قلوبنا بلا تردد
نفتح لهم الأبواب والنوافذ والليل بأحلامه
نخبئ وجعنا كي لا يروه
ونطفئ أنيننا حتى لا يتألموا معنا
ثم حين يأتي الخذلان
يأتينا ببرود يشبه الثلج
بارد ككلمة عادي
وقاس كالنسيان
حين يخذلك من ظننته الأمان
تدرك أن بعض الوعود لم تخلق لتوفى
وأن بعض الوجوه الجميلة تخفي خلفها شتاء طويلا
وأن الطيبة وحدها لا تكفي لتنقذك من الغدر
الخذلان لا يوجع لأنه مؤلم فحسب
بل لأنه يعلمك أن لا أحد يستحق أن تسلم له قلبك كاملا
يعلمك أن الحذر لا يعني القسوة
وأن الحب ليس عذرا لتهين نفسك باسم الوفاء
وحين يخذلك الأمان
تدرك أن الله وحده الأمان الذي لا يخون
وأن بعض البشر لم يخلقوا ليبقوا
بل ليوقظوك من غفلة الثقة الزائدة
يوجعك الخذلان لأنك لا تملك شجاعة الكره
ولا رغبة الانتقام
بل تكتفي بالصمت
وتمضي وكأن شيئا لم يكن
لكن كل خطوة تذكرك بأنك لم تعد كما كنت
أتعرف ما هو أصعب من الخذلان
أن تقابل من أوجعك بعد زمن طويل
فتبتسم له بملامح هادئة
بينما في داخلك صوت خافت يقول
كنت أظنك الأمان فكنت العاصفة
نعم يتعلم القلب بعد كل خيبة أن يختصر الطريق
أن لا يجادل القدر
وأن لا ينتظر من أحد ما لا يستطيع أن يمنحه لنفسه
يكتشف أن الطمأنينة ليست في وجود أحد
بل في الرضا
وفي أن يسلم أمره لمن لا يخلف وعده أبدا
وحين نصل إلى تلك المرحلة من النضج
نصبح أقوى
وأهدأ
وأقل حاجة للناس
وأكثر قربا من الله
ندرك أن الخذلان ليس نهاية
بل بداية جديدة كتبها القدر ليرفعنا من سذاجة المشاعر إلى وعي النور

حين يخذلنا من ظنناهم الأمان

حين يخذلنا من ظنناهم الأمان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *