الرئيسيةاخبارحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير
اخبار

حين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير

حين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير

حين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير

بقلم/نشأت البسيوني 

 

حين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يشعر ان السنوات تركض فوق ملامحه قبل اوانها وان التجارب تسرق منه براءته قطعة تلو الاخرى دون ان تمنحه فرصة ليتنفس كما يريد يرى الناس يتحدثون عن المستقبل وكأنه ضوء بعيد بينما هو يراه بابا ضيقا يخشى دخوله لانه تعلم مبكرا ان كل حلم له ثمن وان كل خطوة تحتاج قوة لا يملكها احيانا وان كل محاولة للوقوف قد تنتهي 

 

بسقوط لا يجد من يرفعه منه وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يجد نفسه يتعلم كيف يخفي خوفه وكيف يبتلع كلماته كي لا يقال انه ضعيف وكيف يبتسم وهو ينهار في الداخل وكيف يحمل نفسه رغم التعب لان لا احد يفهم حجم الصراع الذي يخوضه بصمت وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يبدأ يدرك ان السعادة ليست كما يصفونها بل لحظات قليلة تختفي سريعا وان 

 

الامان ليس وعدا من احد بل حالة سلام يصنعها داخله وان العلاقات مهما بدت جميلة فهي اختبار حقيقي لقلبه الذي تعلم ان يصدق ويخيب ويتعلق ويرحل وان الوجوه ليست كلها صادقة كما تبدو بل بعضها مرايا مكسورة تعكس نصف الحقيقه وتخفي نصف الخذلان وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يدرك ان الطيبة لا تنقذ دائما وان الصمت لا يحل كل شيء وان مشاعره 

 

ليست عبئا لكنه يخشى ان يبوح بها لان التجارب علمته ان هناك قلوبا لا تستوعب صوته وان هناك اشخاصا لا يحتملون وجعه وان هناك طرقا يجب ان يسير فيها وحده كي لا يضعف او يفقد نفسه وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يقف امام مرآته بحقيقة مرة انه تغير دون ان يشعر وان ملامحه التي كبرت قبل وقتها ليست سوى انعكاس لحروب واجهها وحده وليال طويلة 

 

حاول فيها ان ينجو وصباحات كثيرة وقف فيها رغم انه كان على وشك الانهيار لكنه لم ينهر لان داخله جزء صغير يرفض ان يموت مهما اثقله التعب ومهما حاول العالم اسكاته لكنه رغم ذلك لا يزال يحاول ان يعيش وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يبدأ يبحث عن نفسه في الطرقات في الكتب في الاغاني في وجوه الناس في ذكرياته القديمة فقط ليعرف كيف وصل الى هنا وكيف 

 

صار حاله بهذا الشكل وكيف تراكم داخله كل هذا التعب وكيف اصبح يشبه شخصا لا يعرفه لكنه مضطر ان يكونه كي ينجو وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يكتشف ان القوة الحقيقية ليست في الصمود فقط بل في معرفة متى يتوقف ومتى يقول لنفسه كفى ومتى يبتعد عن من يؤذيه ومتى يتخلى عن ما يستنزف قلبه وان الشجاعة ليست مواجهة الجميع بل مواجهة ذاته 

 

التي تخاف من الخطأ ومن الرفض ومن الخسارة وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يفهم ان الحياة لا تنتظر احدا وانها تمضي بلا اكتراث وانها تختبره كل يوم لتعرف هل سيبقى واقفا ام انه سيستسلم لكنه رغم كل شيء يواصل لانه لم يعد يملك خيارا اخر غير ان يواصل ويحاول ويقف في كل مره يسقط فيها وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يعرف ان كل فقد كان رسالة 

 

وكل خيبة كانت اشارة وكل انهيار كان بداية لبناء جديد وان الايام مهما قست عليه فهي تعيده الى نفسه بطريقة ما حتى لو كانت مؤلمة لكنه يعود اقوى وانضج مما كان وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يرفع رأسه اخيرا وينظر للحياة كما هي بلا رتوش بلا وعود بلا اقنعه يفهم انها ليست سباقا ولا معركه بل رحلة طويلة يحتاج فيها قلبا صابرا وعقلا واعيا وروحا تعرف كيف تنهض مهما 

 

انطفأت وكيف تضيء طريقها حتى لو اختفى كل الضوء من حولها وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يدرك انه لم يعد يريد الفوز على احد ولا اثبات شيء لاحد ولا الدخول في معارك لا تعنيه بل يريد فقط ان يحيا بسلام مع نفسه ومع قلبه الذي تحمل اكثر مما يحتمل عمره ويفهم اخيرا ان الحياة رغم قسوتها تتسع دائما لمن يستمر في المحاولة مهما طالت الطريق ومهما تأخر الفجر 

 

ومهما ظن ان الظلام لن ينتهي لكنه ينتهي دائما عندما يقرر هو ان يواصل وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يعرف انه مهما حاول ان يهرب من اثقاله ستلحقه لانها تسكن داخله قبل ان تسكن اي مكان وان المواقف التي مر بها لم تكن مجرد لحظات بل كانت ندوبا صنعت منه شخصا اخر شخصا يمشي وكأنه يفهم كل شيء لكنه في الحقيقة لا يفهم سوى ان الحياة لم تترك له خيارا غير ان 

 

يكبر قبل وقته وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يشعر ان روحه تكلمت كثيرا حتى لم يعد لها صوت وان قلبه اشتكى كثيرا حتى لم يعد لديه طاقة للشكوى وان صبره طال حتى صار اشبه بجدار يتلقى الضربات دون ان ينهار لان الانهيار في قاموسه لم يعد خيارا بل ترفا لا يستطيع الوصول اليه وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يرى نفسه يسير بين الناس وكأن بينه 

 

وبينهم جدارا خفيا لا يراه غيره جدار صنعته التجارب التي جعلته يبتسم وهو يعلم ان خلف هذه الابتسامه الف قصه وف سؤال واشتعال لا يخمد وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يدرك ان الكلمات التي لم يقلها كانت اكثر ثقلا من كل الكلام الذي قاله وان السطور التي دفنها في صدره كانت اشد وجعا من المواقف التي عبرته وان الصمت الذي التزم به كان سيفا اغرقه اكثر مما 

 

حماه لكنه استمر فيه لانه لم يجد مكانا آمنا يضع فيه وجعه دون ان يحاسب عليه او يستهان به وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يبدأ يسأل نفسه لماذا صار يخاف من الفرح ولماذا يبتعد عن الاشخاص الذين يحبهم ولماذا يشعر ان كل شيء مؤقت وان كل وعد معرض للكسر وان كل قرب نهاية مؤجلة يعلم ان هذه الافكار لم تولد معه بل زرعتها خيبات عمرها اقصر من عمر قلبه 

 

لكنها اطول من قدرته على النسيان وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يكتشف ان سبب تعبه الحقيقي لم يكن العالم بل كان هو الذي ظن ان الجميع يشبهه وانه كلما منح اكثر سيمنح اكثر لكنه تعلم بالعكس ان العطاء بلا حدود يجعلهم يأخذون بلا حساب وان الطيبة بلا وعي تقوده الى اماكن لا يعرف كيف يخرج منها وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يدرك انه تغير ليس فقط في 

 

ملامحه بل في روحه صارت الروح اثقل والعين اكثر صمتا والقلب اكثر حرصا على نفسه والضحكه اكثر ندرة لكنه رغم كل هذا لا يزال يبحث عن بصيص ما عن لحظة صدق عن كلمة تشبه يده حين كانت صغيرة لا تخاف من العالم ولا من المسافات وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يدرك انه داخله شيء صغير لم يمت بعد وان قلبه لا يزال ينبض وان روحه لم تنطفئ بعد وان العالم 

 

مهما حاول لن يستطيع ان يسلبه هذه الحقيقة وان كل شيء بداخله وان كل شيء حوله هو مجرد اختبار وان كل اختبار يجعله اكثر قوة وحكمة وان كل لحظة صعبة تصنع منه انسانا اقوى وان كل يوم هو فرصة ليكون افضل وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يعرف اخيرا انه لا يحتاج الى احد ليقول له انه قوي ولا يحتاج الى احد ليقوده ولا يحتاج الى احد ليعطيه معنى لحياته 

 

فهو وحده من سيصنع حياته وحده من سيحمي قلبه وحده من سيقف امام اي عاصفة وحده من سيبتسم في وجه اي خيبة وحده من سيعرف متى يتوقف ومتى يواصل ومتى يبتعد ومتى يظل وحيدا ليعرف نفسه اكثر وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يدرك اخيرا انه وصل الى مرحلة لم يعد فيها بحاجة الى اثبات شيء لاحد لم يعد بحاجة الى ان يشرح نفسه لم يعد بحاجة 

 

الى ان يبرر مشاعره لم يعد بحاجة الى ان يخفف من نفسه ليكون مقبولا لم يعد بحاجة الى كل هذا بل اكتفى بان يعرف نفسه وان يقف مع نفسه وان يحيا من اجل نفسه وان يستمر في النهوض مهما سقط ومهما انهار ومهما خاب وان كل لحظة صعبة مرت عليه جعلته اليوم ما هو عليه وحين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير يعرف اخيرا ان حياته هي ملكه وان كل لحظة وكل تجربة 

 

وكل وجع وكل فرح وكل سقوط وكل نهوض وكل صمت وكل ابتسامة وكل دمعة وكل فشل وكل نجاح وكل لحظة مضت هي جزء منه ومن بناء شخصيته وان كل شيء مر به جعله اليوم قادر على الوقوف امام اي عاصفة امام اي اختبار امام اي وجع امام اي ضياع امام اي خسارة امام اي صمت امام اي ابتسامة مزيفة امام اي خيبة وان كل شيء سيستمر وان داخله شيء صغير لم يمت بعد وان قلبه لا يزال ينبض وان روحه لا تزال حية وان العالم مهما حاول لن يستطيع ان يسلبه هذه الحقيقة

حين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير

حين يشيخ العالم داخل عيون شاب صغير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *