الدكروري يكتب عن خطوات قريش في غزوة أحد
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
ذكرت كتب الفقه الإسلامي والشريعة الإسلامية الكثير عن غزوة أحد، وكيف خرج المشركون لملاقاة المسلمين في المدينة المنورة، وكانت أولى الخطوات من قريش لهذه الغزوة هي جمع الأموال ورصدها للإنفاق منها على هذا الجيش، وقد وجدت ذلك المورد في العير التي نجا بها أبو سفيان، وكانت سببا من أسباب غزوة بدر، وكانت ما تزال موقوفة في دار الندوة، فذهب أشراف قريش إلى أبي سفيان، فقالوا نحن طيبو أنفس أن تجهز بربح هذه العير جيشا إلى محمد، فقال أبو سفيان وأنا أول من أجاب إلى ذلك وبنو عبد مناف معي، فباعوها، فصارت ذهبا، فكانت ألف بعير، والمال خمسين ألف دينار، فسلم إلى أهل العير رؤوس أموالهم، وأخرجوا أرباحهم، وكانوا يربحون للدينار دينارا.
فحصل لهم من ذلك أموال كثيرة، رصدت كلها للإنفاق على هذا الجيش، وتم استنفار العرب لمشاركتهم في حرب المسلمين ومساعدتهم على الأخذ بثأرهم، فخرج صفوان بن أميّة ومعه أبو عزّة الشاعر الذى منّ عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في بدر بدون فدية إلى تهامة، وخرج مُسافع بن عبد مناف إلى كنانة يحرّضانهما، ويثيران فيهما النخوة لمحاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحرّض بعض رجال قريش عبيده، فجعل ثمن عتقه أن يغتال بعض فرسان المسلمين، كما حدث مع وحشي بن حرب الحبشى، وكان حشدا معنويا، فعملوا على حمل أفراد الجيش على الثبات وعدم الفرار، وأثاروا فيهم الحمية والنخوة بالدفاع عن الحرمات والأعراض، فخرجت كرائم نساء قريش اللاتي أصبن في أحبتهن في بدر.
ليحمسن الرجال على القتال، ويدفعنهم إلى الأخذ بالثأر، وعندما تم استعداد قريش، خرجت بحدها وجدها، وحديدها وأَحابِيشها، ومن تابعها من بني كنانة وأهل تهامة، ومعهم أبو عامر الفاسق وهو أحد بني ضبيعة من الأوس بخمسة عشر رجلا منهم مؤملا أن تخذل قبيلة الأوس رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصاحبهم من الظعن خمس عشرة امرأة، وبلغ عدد الجيش ثلاثة آلاف رجل، فيهم سبعمائة دارع، ومائة رامى، ومعهم مائتى فرس، وثلاثة آلاف بعير، وبعد أن دفع اللواء إلى حملته من بني عبدالدار، تحرك هذا الجيش الضخم الذى يغلي بحب الانتقام متوجها إلى المدينة، حتى نزلوا يوم الأربعاء الثاني عشر من شوال من السنة الثالثة من الهجرة بعينين ببطن السّبخة من قناة على شفير الوادي.
قريبا من جبل أحد، وأرسلوا إِبلهم وخيلهم ترعى زروع المدينة بالعريض، حتى لم يتركوا منها عودا أخضر، وقيل أن العباس بن عبدالمطلب أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم كتابا يخبره بتعبئة قريش وخروجها تقصد المدينة، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن الربيع بذلك، ثم أرسل أنس ومؤنس ابني فضالة، فأتياه بخبر قريش وقربهم من المدينة، وإطلاقهم لخيلهم وإبلهم ترعى زروع المدينة، ثم بعث الرسول صلى الله عليه وسلم الحُباب بن المنذر، فتمكن من الدخول في معسكر قريش، ثم رجع فقدم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تقريرا واقعيا عنهم، عند ذلك بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه.