- الدكروري يكتب عن دور المرأة في العصر العباسي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير والكثير عن الخلافة العباسية وهي الخلافة الثانية بعد الخلافة الراشدة والخلافة الأموية، أما عن المرأة في العصر العباسي فيمكن تمييز دورها في حقبتين الحقبة الأولى نرى آثارا عديدة لها في الحياة العامة فاشتهر عدد من المغنيات والشاعرات والأديبات، بل والسياسيات كخيزران وزبيدة زوجتي هارون الرشيد، واللتين ساق لهما الباحث محمد خريس دورا أساسيا في جعل عصر الرشيد أزهى عصور العهد العباسي، ويرى عدد من الباحثين أن انتشار الخلاعة في قصور الخلفاء وأثرياء المجتمع قد أثر سلبا على وضع المرأة الاجتماعي خلال تلك الفترة، وفي المرحلة الثانية انكفأت المرأة من جديد نحو المنزل وأما على صعيد القصر، فقد برز عدة نساء أيضا.
كزوجة المقتدي شمس النهار، على ما روى ابن الأثير، وكذلك زوجة طغرل بك، والتي كانت سديدة الرأي فوّضها زوجها أمره في كثير من الأمور فكانت على أحسن تدبير، وكما أن الالتزام بالشريعة ومنكراتها كان متفاوتا بدوره فالمجتمع العباسي أساسا مجتمع متدين، غير أن الحانات ومجالس السمر العامة ومناطق بيع المشروبات الكحولية كان موجودا، خصوصا في المدن الكبرى حيث كان يختلط المسلمون بغير المسلمين، ممن تبيح لهم شرائعهم الخمر وغيره، ويقول الباحث والمفكر المصري قاسم أمين، في كتابه تحرير المرأة، إن عادة النقاب قد ظهرت وانتشرت في العصر العباسي، تأثرا من المسلمين بزرادشتيي فارس، وأنه انحصر انتشارها بين نساء المدن والطبقات العليا، وليس بين الفلاحات في الريف.
كذلك فقد ندد أمين بعزل النساء في الحرملك، معتبرا أنها عادة عباسية أيضا، وكانت آراء أمين ومن تبعه في هذا الرأي تعتبر محل نقد من الباحثين المسلمين الآخرين الذي يؤكدون أن النقاب قد ظهر منذ عهد النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم، وله ركائز في القرآن والحديث النبوي، وكان العلم متاحا في المساجد والمدارس خلال عهود القوة، واحتضنت بغداد عددا من أشهر جامعات العالم وأقواها، غير أنه خلال عهود الضعف كان قلة من الناس فقط يرسلون أولادهم إلى المساجد لتلقن العلوم، وغالبا ما كان يكتفى بأكبر أبناء الأسرة ولم يكن العلم في المساجد، وهو ما يطلق عليه عامة اسم كتاتيب، يكفي سوى لتحفيظ القرآن، وانطلاقا منه تعلم القراءة والكتابة ومبادئ الحساب.