المقالات

ذكرك أخاك بما يكره

ذكرك أخاك بما يكره

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن يوم القيامة سمّاه الله غز وجل في القرآن الكريم كما قرأتم في سورة غافر ” ويوم يقوم الأشهاد ” أعلمتم من الأشهاد، أعلمتم لماذا يقومون ؟ فيقول سبحانه كما جاء في سورة هود ” ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا علي ربهم ألا لعنة الله علي الظالمين” فاتقوا يوما يقوم فيه الأشهاد، فهؤلاء الذين كذبوا على ربهم، اتقوا ذاك اليوم واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله، واتقوا يوما ترجعون فيه إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون، ولقد أمرنا الله عز وجل بتقواه وبالقول السديد، ووعدنا على ذلك بالمغفرة وإصلاح الأحوال والتوفيق والتسديد، فمن اتقاه بفعل الأوامر واجتناب النواهي فقد فاز فوزا عظيما. 

 

ومن ضيع تقواه واتبع هواه بغير هدى من الله أعد له عذابا أليما، ومن استقام على التقوى ولزم في منطقه القول السديد هُدي إلى الطيب من القول وإلى صراط الحميد، وقد رتب الله سبحانه وتعالى،على هذين الأمرين خير الدنيا والآخرة، وأنعم على من قام بهما بالنعم الباطنة والظاهرة، من اتقى الله وأعمل لسانه بذكر الله، واستعمل الخلق الجميل مع عباد الله، جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب, ومن اتقى الله تعالي ولزم القول السديد يسره الله لليسرى، وجنبه السوء والعسرى، وغفر له في الآخرة والأول، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال. 

 

“إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد” متفق عليه، فاحفظوا ألسنتكم من هذه الغيبة الشنيعة ومن هذه المعصية الوضيعة، فقد فاز من حفظ لسانه من الزلات، وألزم جوارحه بالطاعات، فقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ” من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه ضمنت له الجنة ” متفق عليه، وإن من الظواهر الخطيرة الطوام والآفات الكبيرة في مجالسنا هي الغيبة، والمقصود بها ذكرك أخاك بما يكره في النيل من عرضه، والكلام من خلفه بما لا يرضاه في بدنه أو نسبه، أو في خلقه أو فعله أو قوله، أو في دينه أو دنياه، أو في ثوبه وداره ودابته.

 

فالغيبة والنميمة صاحبها منقوض وعلى غير الجميل يموت، تنفر منه القلوب وتكثر فيه العيوب، فقد نهى الله عنها وشبه فاعلها بصورة مكروهة للإنسان وينفر منها طبعه، وهذا النهي في غاية التنفير من الغيبة، وحين يشبّه الله تعالي المغتاب للمسلم بمن يأكل لحمه ميتا، فإن كان المغتاب يكره أكل لحم أخيه وهو ميت وينفر من تلك الصورة فلا يأكل لحمه وهو حي بالغيبة والنميمة، فإن الغيبة كأكل لحمه ميتا، ولو تفكر المسلم في هذا التشبيه فقط لكان زاجرا عن الغيبة كافيا في البعد عنها، وإن كبائر الذنوب هي سبب كل شقاء وشر وعذاب في الدنيا وفي الآخرة، وشر الذنوب والمعاصي ما عظم ضرره، وزاد خطره. 

 

وإن من كبائر الذنوب والمعاصي الغيبة والنميمة، وقد حرمها الله عز وجل، في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، لأنها تفسد القلوب وتباعد بينها، وتزرع الشرور، وتورث الفتن، وتجر إلى عظيم من الموبقات والمهلكات، وتوقع بصاحبها الندم في وقت لا ينفعه الندم، وتوسع شقة الخلاف، وتنبت الحقد والحسد، وتجلب العداوات بين البيوت والجيران والأقرباء، وتنقص الحسنات، وتزيد بها السيئات، وتقود إلى الهوان والمذلة، فالغيبة فشا ضررها وكثر خطرها وصارت مائدة لمجالسنا وفاكهة لمسامراتنا وتنفيس الغير وتنفيس الغضب والحقد والحسد.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار