ادب وثقافة

رائحة الملاك ورائحة التوقف

جريدة موطني

مقالي عن ** رائحة الملاك ورائحة التوقف
ربما كان المشهد المحير في فيلم فجر الإسلام 1971.. يأخذك إلى التوقف عن المضي في الحياة دون أن تفكر فى هذه الجملة العبقرية حين قال الحارث زعيم القبيلة ( الممثل محمود مرسي ) : ما هذه الرائحة يا حنظله .. ألا تستحم يا رجل فيرد عليه حنظله ( الممثل محمود فرج ) بكل فخر – إنها رائحة إنسان ! ثم أنا فخور بها !
عند ذلك تطير الأفكار إلى تعريف الرائحة ( الروائح odor ) وهي مركبات كيمياوية متطايرة ناتجة من مواد طبيعية أو مصنعة يتحسس بها الجهاز العصي عن طريق حاسة الشم التي تعكس الحالات الانفعالية والسلوكية للإنسان والحيوان .
إذا كيف يمكن أن تحدث التأثيرات السلوكية الايجابية عن طريق الرائحة .. التي لا تتوقف عن الظهور فى حياتنا .. بل هي تدخل في تفاصيل يومنا .. ونذهب بعيدا إلى تأثير الروائح على الأحلام التي نشاهده أثناء الليل ..حيث تدخل الروائح في الأنف مع كل نفس .. وفي التجويف العلوي للأنف توجد الخلايا العصبية الحسية الشمية التي تعيد إرسال المعلومات إلى الدماغ. في مركز الشعور، أي في الجهاز الحوفي ، يتم ربط الروائح بشكل لا شعوري بذكريات ومشاعر قديمة كانت لدينا سابقا ، أي في وقت يسبق إدراكنا للرائحة .
وبذلك يمكن للروائح أن تثير لدينا مشاعر الخوف والقلق والسعادة والفرح .. وكل موقف نتخذه، سواء أن كان متعلقا بشراء شيء ما ، أو قرار يتعلق بحكمنا على شخص ما إذا كان جذابا أو غير جذاب يتأثر بالروائح بشدة .
من كل ذلك يبدو أن نشأت علم الروائح أمر ضروري حيث إن علم الأروماكولوجيا ( أو علم الروائح ) هو دراسة تأثير الروائح في سلوك الإنسان ،وفحص العلاقة بين المشاعر والعواطف مثل الاسترخاء ، والبهجة والشهوانية ، والسعادة ، والرفاهية الناتجة عن الروائح التي تحفز المسارات الشمية في الدماغ .
وكلمة ” أروماكولوجي ” مشتقة من رائحة وعلم النفس الفيزيائي وهذا الأخير هو دراسة الرائحة صيغ هذا المصطلح في عام 1989من قبل ما يعرف الآن بمعهد حاسة الشم (ٍٍSSl ) .
من كل تلك المقدمات نصل إلى المكان الذي يعيش فيه حنظله وهي قبيلة الحارث .. وقبيلة الحارث هنا تمثل نمط شائع في منطقة القبائل ، في الجزيرة العربية.. وشخصية الحارث تمثل أيضا كثيرا من رجالات القبائل العربية.. حيث تجد إن الصفات المشتركة كثيرة .. طبقا الى ألزمان والمكان المعاش .. حيث طبيعة الحياة تفرض أنواع من السلوك المكتسب من خلال التعامل مع البيئة المحاطة .. فهو يمارس تجارة الرقيق التي تتبعها إنشاء خيام أصحاب الرايات .. كذلك كان يشرب الخمر ويتعامل بالربا .. ولا يعبأ بممارسة كل أنواع الرذيلة .. وفوق ذلك صاحب سلطة .. من كل ذلك نتبين حالة الخوف العام الذي يعيش فيه الإنسان ( مثل حنظله ) وهو ليس سيدا في القبيلة بل أحد أفرادها الذي يمكن أن تقع عليه كل الأشياء السيئة من القبيلة أو من القبائل الأخرى .. لذلك لا يمكن تصور حالة الخوف والهلع التي يعيشها .. التي تؤدي الى أن يصحوا من النوم وهو يفرز روائح تثير كم من مشاعر الخوف والمشاعر السلبية التي يشاهدها الحارس فيستنكر رائحة حنظله .. لكن لانت حنظله أعتاد هذه الرائحة وتلك المشاعر حيث إن الحقيقة الوحيد التي يؤمن بها العلماء أن الشخص لا يشم رائحة عرقه .. وذلك لأن الأنف تعتاد عليها .. فإنه يفخر بتلك الرائحة ويعتبرها رائحة إنسان .. ولا يستشعر فيها نقيصة وأنما قمة الفخر .. مع اختلاف استخدامات الروائح عند الحيوانات حيث أنها من أساسيات التواصل بجانب الضوضاء والخدش وقد تستخدم للدفاع ( حيوان الظربان وإطلاق رائحة كريهة ) أذا عندما حرم الله عز وجل الحيوانات من اللغة لم يحرمها من التواصل لقضاء الحاجات المطلوب لاستمرار النوع .
رائحة التوقف ( عن أفعال وسلوكيات الجاهلية )
وفي مشهد آخر يقول الحارث لحنظله لقد تغيرت رائحتك .. لماذا حدث هذا التغير ؟ لان المسبب لحالة الرائحة الكريهة قد أنتهي وأنتقل حنظله إلى حالة الطمأنينة بدخول عامل مهم أدى إلى تغير سلوكيات حنظله .. وأبتعد عن مسببات القلق .. واطمأن على حياته وما بعد مماته .. أنه ذلك الدين الذى غير رائحة الى رائحة السلام الحياتي وأبتعد بالإنسان عن العادات السيئة من القمار وشرب الخمر والاجتماع عليه كذلك نكاح الاستبضاع وهو أن تحيض أمرآة الرجل منهم فتطهر ، فيطلب لها أشرف الرجال وخيارهم نسبآ ، أدبا ، ليطئوها من أجل أن تنجب ولدا يرث صفات الكمال التي يحملها أولئك الرجال كذلك وأد البنات خوفا من العار الذى قد تجلبه تلك الانثي ، كذلك قتل الأولاد مطلقا ذكورا أو إناثا وذلك في حالة وجود الفقر أو توقع الفقر ، تبرج النساء بخروج المرأة كاشفة عن محاسنها كذلك اتخاذ الحرائر من النساء الأخدان من الرجال ، العصبية القبلية وذلك بتبني مبدأ ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما ) وتغير بعد الإسلام إلي أخوة الإسلام .. وأخير شن الغارات والحروب على بعضهم البعض كذلك أكد الإسلام على العادات الحسنة .
كذلك كان العرب قبل الإسلام يعبدون الأصنام ويتقربون لها ، ويذبحون عندها ويعظمونها التعظيم كله ، وهي من صنع أناس مثلهم من البشر كذلك كانوا يشهدون مراحل صنعتاها .. وأحيانا تكون من صنع أيديهم ، من التمر أو الطين أو غيرها .. وكان عدد الأصنام التي حول الكعبة المشرفة حوالي 360 صنما .
من كل ما قيل عن تلك العلاقة بين الرائحة والذنوب التي يرتكبها الإنسان ( يمكن مراجعة مقالي عن رائحة الملاك المنشور سابقا ) وهذه الحالة التي انتابت حنظله فى بداية الفيلم وهذا التغير الذى جاء على مهل عند اعتناقه الإسلام .. والتحول في الرائحة التي يكتشفها الحارث فى البداية وبعد التغير .. عدت من أهم منجزات الدين الذى يجعلك هادئ هدوء الواثق فى المعرفة التي تؤدى الى العلم بطريقة أنشاء الأشياء ومراحل تطورها التي تؤدى في الأساس إلي تغير الرائحة .
الكاتب / محمد الليثى محمد
أسوان 1/6/2023

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار