المقالات

رجل بكت عليه السماء

جريدة موطني

رجل بكت عليه السماء

بقلم /على محمد جمال

جريدة موطني

رجل بكت عليه السماء

ان هناك أناس من بيننا أرواحهم ممدودة إلى السماء ينشرون المحبة بين الناس فيحببون الناس بعضهم فى بعض ويحببونهم فى خالقهم
من هؤلاء الافذاذ كان فضيلة الشيخ محمود حسن شلقامى رحمه الله
فى مثل هذه الأيام رحل فضيلة الشيخ محمود حسن مؤسس مدارس الحصرى للقران الكريم بمطاى
كان اخر شئ شاهده انتصار المقاومة الفلسطينية فى السابع من أكتوبر عام 2023 وتوفى فى اليوم التالى الثامن من أكتوبر وكأن روحه الطاهرة أبت ان تتحمل المجازر التى قام بها العدو لاطفال ونساء غزة
عاش رحمه الله حياة قصيرة لكنها كانت مليئة بالاحداث كأنه يشعر بدنو أجله وقصر عمره كان يومه مليء بالأعمال الخيرة كان لا يدخر جهدا فى الاستجابة لأصحاب الحاجات حتى لو كان ذلك على حساب نفسه وصحته لا انسى ذلك اليوم الذى طلب منى الحضور لأحد الاجتماعات أعماله الخيرية فلم استطع بسبب ظروف خاصة بى وعندما اتصلت به فإذا به ينفجر فى وجهى بسبب حالة الإرهاق والتعب الشديد وقال لى ( انا مش عارف اعمل ايه مع الناس ومش قادر ارفض طلب مساعدة لأى أحد انا بقفل تليفونى كثيرا من أجل ارهاقى الشديد وكثرة الحاجات المطلوبة منى) وكأنه يريدنا معه لحظة بلحظة لنعينه على ما فرصه على نفسة من الاستجابة لحاجات الناس
وهذا ليس غريب على فضيلة الشيخ الذى عاش عمره كله لله محبا للخير وأهله محبا للفقراء واليتامى والمساكين
كان كثيرا ما يطلب من أهل الخير أن يقوموا بعمل يوم لليتامى ويشترط أن يتضمن فقرات تعارف ولعب وغداء لهؤلاء اليتامى وكيف لا يفعل ذلك وهو قد نشأ يتيما منذ نعومة اظفارة ويعرف حاجة اليتيم للعطف والمحبة والحنان وهو من ذاق مرارته صغيرا
كان لا ينسى الفقراء وكان سعيه الدائم اليومى لقضاء حوائجهم لا يريد من ذلك شئ الا ابتغاء وجه الله
حتى فى عام 2012 عندما طلب منه بعض السلفيين الترشح على قائمة حزبهم فى الانتخابات البرلمانية وجاءنى يستشيرنى فى الأمر وفى قرارة نفسى كان يرفض ولكنه كان يريد من يطمئنه أن قراره سليم فقلت له أننا لا علاقة لنا بالسياسة ولا نريد لأعمال الخير أن تتأثر بالسياسة فاطمئن قلبه وأعلن رفضه رغم أن فرصتة كانت كبيرة فى الدخول للبرلمان والفوز فى الانتخابات لمحبة الناس له لكنه رحمه الله كان عازفا عن الدنيا لا يريد الا إرضاء الله
ولم يدخل عالم الأحزاب الا فى أيامه الأخيرة عندما انضم لحزب حماة الوطن وكان سبب ذلك خوفه على غلق مدارس القران أو التأثير على الأعمال الخيرية التى يقوم بها وأن انضمامه للحزب سييسر له اعمال الخير ويضمن لمدارس القران الاستمرار
كان رحمه الله واسع الأفق حكيما فى أقواله وتصرفاته فقيها مستنيرا وكان إنسانا رفيقا بمن حوله سهلا فى معاملاته وصولا لأهله ولكل من عرفهم لايحمل فى قلبه حقدا لأحد أوغل على أحد حدث فى يوم من الايام وانا شاب صغير أن اختلفت معه فى أمر ما وكنت متوقع أن لا يسلم على لكننى فوجئت أنه يسلم على وكأن أمر لم يكن هنا أيقنت أنه إنسان يختلف عن الجميع رقيق القلب طيب النفس طاهر الروح نقى السريرة
كان يحب أن يشاركه الجميع فى الأعمال الخيرية كان يعرض على كل من يعرفهم أو يتوسم فيهم الخير أن يشاركوه فى أعمال البر بل ويطلب منهم أن يكونوا هم فى الواجه ويكون هو فى الظل ليس لشئ إلا أنه لا يبتغى من ذلك إلا وجه الله
طلب منى فى يوم ان اكون رئيس مجلس إدارة الجمعية الشرعية وعندما وافقت وتم ترشيحى لذلك كان هو أكثر الناس دعما لى وللعمل الخيرى لم يتركنى لحظة لانه لا يعمل الا لله
لا يريد منصب ولا شهره ولكن يريد أن يرى الابتسامة فى وجه طفل يتيم وامرأة ثقلى أو فقيرا لا يملك من حطام الدنيا شئ
كان رحمه الله يملك مواهب كثيرة ورؤية ثاقبة واستشفاف للمستقبل ولولا الظروف التى يمر بها مجتمعنا وقصره عمره لكان لفضيلة الشيخ شأنا اخر
فبرحيلة خسرت أمتنا عالما عاملا حافظا للهوية مجددا للدين عطوفا على الناس رحيما بهم يعيش بينهم يحبهم ويحبونه
كنا إذا أردنا أن نقيم حفلة أو مؤتمر ولم نرسل دعوات لأحد بسبب ضيق الوقت كان يجمعنا ويطلب من كل واحد فينا أن يتصل بمن يعرفهم وفى يوم الحفل تجده احتفالا حاشدا بسبب حب الناس للشيخ إلى نذر حياته لعمل الخير وتعليم القران
كان يوم رحيل الشيخ صدمه كبيره لأهله ومحبيه فوفاته كانت مفاجئة لنا جميعا فقد كان معنا ليلة الثامن من أكتوبر وكأن بصحة جيده ولم تظهر عليه اى علامات تشى بقرب وفاته أو تمهد له ولكنه أمر الله الذى لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه رحل فضيلة الشيخ وقد ترك اثر كبيرا وذكريات طيبة حفرت فى الذاكرة
وأثناء دفن جثمانه الطاهر فى المقابر فإذا بالسماء تمطر مطرا خفيفا كأنها تشاركنا فى بكاء فضيلة الشيخ لكى يكون اخر وداع له فى هذه الحياة مشاركة السماء لنا فى البكاء على إنسانا جميل ملأ الحياة بالخير والحب وارساء القيم الإنسانية الفاضلة ونشر المحبة والالفة بين الناس
رحم الله الله شيخنا محمود حسن شلقامى

رجل بكت عليه السماء

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار