رعاية فطرة الأبناء
ذكرت كتب الفقه الإسلامي وكتب السيرة النبوية الشريفة بأن الطفل يولد نقيا من كل الشوائب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما من مولود إلا ويولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه” ولو ترك الطفل على هذه الفطرة من غير تأثير لما كان إلا مسلما ولكن الحجب والقدوة السيئة قد تحول دونها، لذا فواجب الأبوين المسلمين رعاية فطرة الأبناء، والاجتهاد في تحسين تربيتهم، ولا يكفل للوالدين النجاة يوم الحساب إلا أن يبذلا ما في وسعيهما لصلاح رعيتهما، وكما نؤكد على الوالدين وكل المربين أن يتقوا الله في هذه الأمانة، فهم يوم القيامة عنها مسؤولون، وقد عرف أعداؤنا أهمية الأسرة، فحرصوا على تمزيق أواصرها، وسلكوا من أجل ذلك كل السبل.
فتارة بالدعوة إلى الإباحية وتفكيك روابط الأسرة، وأخرى بدعوى المرأة إلى التخلي عن واجباتها الأسرية، وثالثة بإحلال المؤسسات التربوية الجماعية محل الأسرة، ومن التربية الإسلامية العملية هو ما حدث للمسلمين في غزوة أحد، ومن المؤكد أن جبل الرماة كان ثغرا مهما في معركة أحد، من حيث الحماية والدفاع، ومن كان على الجبل فإن دوره مكمل لدور من بارز في بداية المعركة، ودور من كان في حراسة الجيش مكمل لدور الساقة، ومن يخدم المجاهدين مكمل لدور من كان على الجبل، فالعملية تكاملية إذن ولا ينقد أحد أحدا، ولا يعاب من يخدم دين الله في أي مكان وزمان إنما العيب في القعود والتقاعس، والترك، ولمز وهمز العاملين لدين الله دون تصور الأمور على حقيقتها.
فتجد بعض الناس يعيب على أهل التربية انشغالهم بتربية الشباب واهتمامهم بهم، فينسى فضلهم، ويعنف فعلهم، ويهمش اهتمامهم، ويستعظم خطأهم، ويستصغر بذلهم وتضحيتهم بالمال والوقت والنفس، والفكر من أجل حماية الشباب من الانحراف وتنشئتهم التنشئة الصالحة، وآخر قد يعيب على من يهتم بالجانب الاجتماعي والإغاثى، وأن الاهتمام بغيرها أولى وأحرى، وآخرون يظنون أن نجاة شباب الأمة في اهتمامهم بالجانب العلمى البحت فقط، وثمة آخرون يظنون أن النصر والتمكين لن يكون إلا عبر بوابة الجهاد في سبيل الله، ويعيبون غير ذلك من الاهتمامات الشرعية الجادة، ونقول لهؤلاء وهؤلاء رويدا، رويدا نحن جميعا نمثل منظومة واحدة في الإصلاح المنشود فالأمة تحتاج للإداري المحنك، والعالم الرباني الراسخ في العلم، والمربي الفاضل، والمجاهد الصنديد.
والباحث المجيد، ومن يقضي حوائج الناس ويشفع لهم، كل على خير وفضل، وكل ميسّر لما خُلق له، وقد علم كل أناس مشربهم، فلا تشمتوا بنا الأعداء، ولن يتركم الله أعمالكم، وكما أن من أهم ما ينبغي أن يهتم به الوالد تربية ابنه تربية ثقافية، وعدم إهمال هذا الجانب أو نسيانه، لأن العالم المعاصر يحتاج ذوي الثقافات الخاصة والعالية، والثقافة هي مجموعة العلوم والمعارف والفنون التي يطلب الحذق فيها، والحقيقة أن العصر الذي نعيشه يتسم بأنواع كثيرة من الثقافات، ونحن نركز هنا على الأوعية الثقافية للطفل ودورها في تنمية ثقافته وتوعيته، ونستطيع أن نجمل أهم هذه الأوعية في أربعة أمور وهي الأسرة والمسجد ودور العلم ووسائل الإعلام. رعاية فطرة الأبناء